Wednesday, December 26, 2007

ياسر البارودي : حرق المستشفيات أكبر كدبة في مصر

الدكتور:
ياسر البارودي :حرق مخلفات المستشفيات .. أكبر كدبة في مصر
أكياس معهد السرطان الحمراء وفلاتر الغسيل الكلوي والسرنجات وعبوات الدم تباع للمعلمين الكبار .. وأي مدير مستشفي يقول إنه يقوم بتشغيل محرقة الزبالة لازم يدخل السجن!!
سألناه: هل مصر تحتاج إلي وزارة للزبالة؟!
أجاب: ليه لا .. بس هما يعملوا هيئة قومية للمخلفات الأول!!
حوار أجراه: هاني زايد
الحوار معه حوار شديد المتعة، حوار تشعر فيه وكأن مصر كلها أصبحت عند أطراف أصابعك، بداية من عمال الزبالة الغلابة من «النكاشين» و«السريحة» وانتهاءً بأصحاب الكرافتات الشيك ممن تحولت القمامة علي يديهم إلي منجم ذهب، ومرورًا بالمعلمين الكبار في كار الزبالة، المعلمة أم شربات في كلودبيه، والمعلمة أم حمادة في المنصورة والريسة في طنطا والمعلمة فايزة ملكة مخلفات العظام، إنه الدكتور ياسر البارودي، الخبير المصري المتخصص في مجال تدوير القمامة، وصاحب شركة دار البيئة، والذي نجح بشخصيته الجريئة ومواقفه الصلبة في أن يحول حوارًا نعترف بأننا أردنا له أن يكون حوارًا فانتازيا إلي حوار جاد كل كلمة فيه تحتاج لمن يحولها إلي فعل.

******


ما هي أهم مخلفات الزبالة التي يمكن الاستفادة بها بصورة علمية؟
كل المخلفات يمكن استخدامها، بما في ذلك مخلفات الهدم والبناء، والمهم ان تصل هذه المخلفات لمكان الفرز، حيث إن السريحة في الشارع يقومون بنقضها.
كيف يتم الربط بين أصحاب الكرافتات الشيك من أصحاب الشركات وبين هؤلاء السريحة، وهل هناك عائلات بعينها تنظم عملية الربط تلك؟
عملية الربط تتم عن طريق المعلمين الكبار، والمعلم هو صاحب الحمار والذي يقوم بتوظيف شخص «سريح» .. وهناك من يقومون بالنبش في القمامة بصورة فردية مستخدمًا عجلة أو تروسيكل، وهناك تخصصات فالبعض يهتم بجمع الصفيح والبعض الآخر يهتم بجمع البلاستيك وغريهم يهتمون بجمع الأقمشة القديمة وهكذا .. ومن وجهة نظري إن عملية جمع وإعادة تدوير واستخدام القمامة هو عمل نظامي وليس تطوعي، أي إنه مهمة حكومية وليس جمعيات أهلية، العالم كله حدد قواعد ونظم وأسس هذا العالم، وللأسف نحن نتعامل مع هذا النوع من العمل بصورة عشوائية واستهانة، فمثلاً يتم تعيين رئيس هيئة النظافة لأنه أخطأ، وكأن تولي هذا المنصب أصبح عقابًا وليس عملاً تنظيميًا.
من أهم المعلمين في مجال المخلفات؟
كل المعلمين في القاهرة والجيزة حبايبي، ولكن في طنطا هناك الريسة وهي معلمة كبيرة في مجال الورق، وفي المنصورة هناك أم حمادة وفي كلود بيه هناك المعلمة أم شربات المتخصصة في مخلفات الزجاج .. وهناك الحاجة فايزة المتخصصة في مخلفات العظام.
كيفية التعامل ما هي قواعدها؟
البيزينس قواعده ثابتة ومحددة، فأنت تبيع وأنا أشتري .. فلا فرق إذا بين كرافتة وجلابية.
كيف يتم التعامل في مصر مع مخلفات المستشفيات؟
أكبر كذبة في مصر حرق مخلفات المستشفيات .. وأكبر إهدار للمال العام في مصر كذبة مكافحة العدوي في المستشفيات والتخلص من مخلفات المستشفيات بما في ذلك مخلفات معهد السرطان والتي تقضي قواعد وزارة الصحة بوضع المخلفات الخطيرة للمستشفيات في أكياس حمراء، وقد شاهدت بعيني عربة أحد الزبالين وهو يقوم ومعه ابنه بتحميل هذه المخلفات بأكياسها الحمراء علي ظهر عربته الكارو، وأي واحد يتحدث عن التخلص من مخلفات المستشفيات هو مخادع وكذاب، ومن يقل غير ذلك فليجبني علي عدد من الأسئلة، هي كيف يتم صيانة المحرقة؟ .. وأين دفتر تشغيل المحرقة؟ .. وأين يذهب رماد الحرق؟ .. لأنه لو قال أي مدير مستشفي كبير إنه يقوم بحرق مخلفات المستشفيات الخطيرة، فأين يذهب برماد هذه المخلفات بعد حرقها؟.. المفروض أن كل مستشفي طبقًا لتعليمات وزارة الصحة من أيام الدكتور إسماعيل سلام ـ وزير الصحة السابق ـ بها محرقة، لكن هذا لم يحدث في الواقع، باستثناء محرقة قصر العيني الكبيرة، وباقي المستشفيات لا تقوم بتشغيل المحرقة سوي في أوقات الضرورة مثل زيارات كبار المسئولين، وأي مدير مستشفي يعلن انه يقوم بتشغيل المحرقة يجب ان يدخل السجن ويدفع غرامة 20 ألف جنيه عن كل حالة طبقًا للقانون.
لماذا؟
لا رماد حرق مخلفات المستشفيات نفايات خطيرة، ولابد من التعامل معها طبقَا لأربعة عشر شرطًَا موجودين في القانون، وأول هذه الشروط هو ضرورة أن يتم نقل هذه المخلفات من خلال جهة مرخصة، وهذا لا يحدث في مصر، لأنه ليس هناك سوي شركتين في مصر لديهما شرط الخبرة في النظافة لأكثر من عشر سنوات حسب ما يقضي به القانون، وهما شركة كير سرفيس وشركة دار البيئة، وكلتا الشركتين لا يتم التعامل معهما في نقل هذه المواد.
والنتيجة النهائية؟
النتيجة النهائية هي انه يتم بيع هذه المخلفات من خلال متعهدين .. خاصة وان مخلفات المستشفيات جيدة جدًا، حيث إن جزءًا كبيرًا منها يكون مستوردًا ومصنعًا وفقًا للمواصفات العالمية، وهي إما مصنعة من البلاستيك أو الزجاج، وحتي القطن والجبس الذي يستخدم في المستشفيات يتم بيعه، فالقطن مثلا يستخدم في صناعة حشو الجواكيت، والسرنجات والأكياس البلاستيك الطبية تستخدم في تصنيع أجود أنوع البلاستيك، وفلاتر الغسيل الكلوي يعاد استخدامها، الفوط الصحية والبامبرز نفسها يعاد تدويرها لإنتاج منتجات أخري خاصة بالعزل والتعبئة.
وماذا عن المخلفات الصلبة في مصر؟
مشكلة المخلفات الصلبة في مصر أنها ابن لقيط ليس له أب شرعي، جزء من المسئولية ملقاة علي الوحدات المحلية علي اختلاف مستوياتها، وجزء آخر ملقي علي وزارة الصحة، وآخر علي الري، ورابع علي الاسكان والري والزراعة، وجزء شكلي علي وزارة البيئة لا تملك أي شيء طبقًا للقانون كي تقوم بأدائه .. وعلي الرغم من ذلك فإن وزارة البيئة تتعرض للوم الجميع، الموضوع كله يحتاج لإنشاء كيان اسمه الهيئة القومية لإدارة المخلفات الصلبة من مختلف مصادرها، سواءأ كانت صناعية أم زراعية وغيره، بحيث ان أي قمامة تخرج من أي مكان بأي وسيلة أو صورة تكون هناك هيئة علي مستوي قومي تكون مهمتها منح تراخيص متناهية الصغِر لوحدات مملوكة للقطاع الخاص من الشباب من أجل العمل في إطار نظام صارم شبيه بما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية، بحيث تتيح هذه الوحدات الصغيرة للحكومة فرصة إحداث إحلال في أي وقت، بمعني انه إذا ارتفعت تكلفة تشغيل الشركات في الجيزة مثلا من 8 ملايين قبل تشغيل الشركات إلي 100 مليون متزايدة، حيث تتزايد التكلفة بنسبة 9% تراكمية سنوية .. وهو ما يعني ان التكلفة زادت 1250 مرة، ومع ذلك مستوي النظافة ضعيف، فلماذا لا يستطيع التخلص من الشركة، لأنه ببساطة ليست هناك شركة بديلة للعمل مكانها، ولكن لو أن هذه الشركة مقسمة إلي 70 شركة صغيرة ـ مثلاً ـ فإنه ستكون هناك مرونة في حالة وجود أزمات، حيث يتيح ذلك توزيع مهام الشركة التي تحدث مشكلة علي الشركات الأخري الصغيرة لتنتهي الأزمة بسهولة ودون أي تعقيدات، وفوق هذا وذاك فإن عملية إعادة الفرز والتدوير لابد أن تساعد علي خلق فرص لإنتاج اعداد غير محدودة من المنتجات، والأهم من ذلك ان تكون هناك مدافن يمكن ان تقوم بها الحكومة علي مستوي قطاعات كبري، القاهرة مثلا بها أربع شركات متعاقدة، ومتعهدة بإنشاء مدفن للنفايات علي الرغم من ان تكلفة المدفن الواحد تتراوح بين 28 إلي 40% من تكلفة العملية .. والأولي استبدال المدافن الصحية في أحياء أو قطاعات القاهرة بمدافن تخدم قطاعات بما يضمن تكلفة النظافة التي يتحملها المواطن، وهو ما يضمن شعور المواطن بخدمة النظافة وتقديم خدمة متميزة وقمت بتحسين صورة المجتمع وتطوير السياحة وارتفاع مستوي الصخة وبالتالي خفض قيمة تكلفة الخدمة الصحية، إضافة إلي خلق فرص عمل للشباب حيث إن قطاع الزبالة منتشر في مصر كلها سواء في الريف أم الحضر، وبالتالي فإن وجود مشروعات لتدوير القمامة من شأنه ان يفتح الباب أمام خلق فرص عمل جديدة للشباب دون التقيد بالسن أو حرفة أو حتي شهادة تعليم، وبالتالي يمكن القول إن بلدنا بتتقدم بجد .. قضية الزبالة يجب ان تحل علي مستوي مركزي، لأن ببساطة لو أخذت زبالة أسيوط وضعتها في المنيا، سيخرج المنياوية ويقولون لك طيب ليه زبالة أسيوط تيجي عندنا، وليه ما يحصلش العكس.
أنت بذلك تتحدث عن إنشاء وزارة للزبالة.
ليه لا .. لكن لن تقول وزارة ويكفي ان تكون هناك هيئة قومية لإدارة المخلفات علي أن تتبع في الإشراف والرقابة إلي رئيس الوزراء مباشرة، أما علي مستوي التنفيذ فيتم عن طريق القطاع الخاص سواء الضخم أم المتوسط أم متناهي الصغر،

No comments: