Wednesday, December 26, 2007

عربة السيدات .. مواقف وطرائف!!

حكايات عن الحب والخطوبة وحناقات في مترو الأنفاق
عربة السيدات .. مواقف وطرائف
ندي عزت
من منا لا يركب المترو .. بالتأكيد مفيش .. لأنه الوسيلة المتاحة والآمنة والأسرع .. حكايات المترو ومواقفه كثيرة، وأكثر المواقف التي تحدث ويتهافت الجميع لمعرفتها هو ما يحدث في عربات المترو المخصصة للسيدات، فالشباب ـ الأولاد ـ لا يحلو لهم الوقوف إلا أمامها، ولولا الغرامة لاخترقوا خصوصيتها .. «العاصمة» من جانبها هتوفر عليكم ثمن الغرامة وهتحكي لكم عن مواقف وحكايات سمعتها داخل عربات المترو.

البنت وخطيبها
جلست بجانب فتاتين وكانت إحداهن تحكي للأخري عن خطيبها ـ عقبال كل البنات ـ وكان الحديث مطولا مماد فعني فضولي للتركيز، فقالت الفتاة المخطوبة «أنا نزلت إمبارح عشان أجيبله هدية .. عارفة جبتله إيه .. جبت عليقة أي بتاعة الموبيل كده بس بتتحط في العربية عشان يفتكرني بيها وجبت معاها محفظة شكلها بناتي بس عادي، وعجبني الـ «box» حلو أوي، عليه قلب أحمر كبير سألت عليه قاللي بـ60 جنيهًا قلت لأ .. أوعي إيه أجيب box من الراجل اللي جنبنا وخلاص.

وأكملت: بس عارفة هو مش بياخد باله من موضوع الهدايا ده في حاجات كده لو منبهتوش عليها ميعملهاش .. انت عارفة أنا حتي كنت بلمح له إني عايزة خط جديد للموبايل لفترة طويلة وبرده مجبوش فرحت قلت له بعدما زهقت: أنت حتي مهنش عليك تجيبلي خط للموبايل اللي عمالة أقولك اني عايزاه .. بعدها جابه.

وفي العيد جالي هو ومامته .. مامته طيبة وبتحبني .. إدتني العيدية .. قولتلها شكرًا وحطتها علي الترابيزة .. لقيته جاء يسألني بعدها ـ هو انت تحبي العيدية تبقي فلوس ولا هدية، فقولتله اسمها عيدية تبقي إيه؟! .. ردت صاحبتها عليها وقالت: لا أكيد العيدية تبقي فلوس بس الهادايا حلوة برضه بس في مناسبات ثانية، وهذه هي الجملة الوحيدة التي قالتها صديقة البنت المخطوبة بجانب الإيماءات التي توحي لها بأنها تسمعها فقط .. لأن المخطوبة مبطلتش كلام.

لسة صغيرين
يحدث أحيانًا عندما تدخل البنات المترو ولا يجدن مكانًا ليستريحوا فيه فيجلسن علي الأرض بجانب المقاعد الرئيسية للمترو ولا يعلق علي ذلك أحد، ولكن الأسبوع الماضي دخلت سيدة من باب المترو فوجدت البنات جالسات علي الأرض فنظرت إليهن غاضبة وقالت: أنتم قاعدين كده ليه؟ .. انتما لسة صغيرين علي الكلام ده .. ماينفعش كده .. ولم يعلق أحد علي حديث هذه السيدة التي تري أنهن شباب ولا يجب ان يجلسن مثل هذا .. ولكن هذا لا يجب أن يجلسن مثل هذا، ولكن هذا لا يمنع تعرضهن للتعب والاجهاض من يوم دراسي طويل.

القرية الذكية ... فيه حد يسيب القاهرة ويروح يشتغل في الأرياف!!!!

بعض الشباب أكدوا أنها في شرم الشيخ
القرية الذكية .. فيه حد يسيب القاهرة ويروح يشتغل في الأرياف
!!
مروة السيد
في حد يسيب القاهرة الكبري ويروح يشتغل في الأرياف .. كان هذا التعليق الذي قاله أحد اخوة رضا في فيلم «كده رضا» لأحمد حلمي .. «رضا» عندما أخبرهم بأنه وجد عملا بالقرية الذكية وهيبطل السرقة .. وحال أخو رضا هو نفس حال الكثير من الشباب المصري، فالتليفزيون المصري يردد علي مسامعهم كل يوم «القرية الذكية» مرة بزيارة الرئيس ومرة باجتماع مجلس الوزراء إلا أن كثيرا منهم لا يعرف عنها شيء.، وحتي الذين يعرفون مكانها فإنهم يؤكدون انه من الممكن عندما يتسرق تليفونك المحمول تروح تجيبه من هناك.

«العاصمة» استطلعت آراء بعض الشباب عن القرية الذكية وما يعرفونه عنها «فاطمة» بالفرقة الرابعة كلية الآداب قسم تاريخ جامعة القاهرة تقول: كل معلوماتي عن هذه القرية حصلت عليها عن طريق إحدي الافلام والتي ذكر أنها تقع في مدينة شرم الشيخ .. وكانت المرة الأولي التي أسمع هذا المصطلح لدرجة انني ظننت انها قرية خيالية وليست موجودة في الحقيقة .. لم أصدق وقتها إلي الآن بعدما أخبروني بأنها حقيقية.

ريهاب محمد ـ بكالوريوس تجارة ـ 22 سنة ـ قال: اعتقد انه مركز معلومات كبير سمعت عنه عدة مرات ولكني لا أعلم عنه الكثير وأظن انه يقع في طريق مصر ـ اسكندرية الصحراوي.

رانيا محسن ـ 27 سنة ـ كل ما أعرفه أنها قرية متخصصة في تكنولوجيا الاتصالات فإذا فقدت هاتفي المحمول أذهب لهذه القرية حتي استرجعه واعتقد أن مقرها 6 أكتوبر.

أحمد رزق ـ طالب بأكاديمية المدينة ـ 21 سنة ـ بها مجموعة لشركات عرفتها عن طريق ضياع هاتفي المحمول عندما ذهبت للشركة فوجدتها في طريق مصر ـ إسكندرية الصحراوي.

سارة كمال ـ الفرقة الرابعة كلية حقوق القاهرة ـ لا أعلم عنها شيئًا ولكني سمعت اسمها يتردد كثيرا ولكني اظن انها قرية توفر فرص عمل للشباب.

سمر ـ آداب القاهرة ـ كل ما تعرفه عنها انها مجمع لشركات علي الطريق الصحراوي لا تعرف ما طبيعة العمل الذي تقوم به.

و«العاصمة» إذ ترفع بهذه المعلومات إلي السيد أحمد نظيف رئيس الوزراء والذي أعلن مؤخرًا أن الرئيس مبارك طالبه بتعميم تجربة القرية الذكية في عدد من المحافظات .. ونقوله قبل ما توسع التجربة عرف الناس بيها.
ودلوقتي نقول لكم أين هي القرية الذكية!!

هي قرية تضم مجموعة من الشركات المحلية والعالمية .. فهي عبارة عن مشروع تم إنشاؤه بقرار جمهوري رقم 355 لسنة 2000 وبدأ إنشاء هذه القرية عام 2001 برأس مال قدره مائة مليون جنيه ساهم القطاع الخاص المصري بنسبة 80% وتتمثل فكرة إنشائها في اقامة منطقة مخصصة للأنشطة التكنولوجية في مجال الاتصالات والمعلومات.
وقد قام السيد الرئيس محمد حسني مبارك بافتتاح المرحلة الأولي من المشروع في سبتمبر 2003 وتم الانتهاء من المرحلة الثانية من المشروع والتي تشمل مبني وزارة الاتصالات ومبني الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ومبني الشركات التكنولوجية الصغيرة والمتوسطة وشركة الكاتيل وفودافون واريكسون وأدكوم وسيتل وجار إنشاء المرحلة الثالثة، ويتم الاعداد لإنشاء حي مالي بالقرية وهو أول حي مالي في مصر والذي يضم مقر للبورصة وهيئة سوق المال ومجموعة من البنوك وشركات المال، وجار إنشاء فندق بالقرية لاستقبال رجال الأعمال والأجانب.

مكانها:
تقع القرية الذكية في الكيلو 28 طريق مصر ـ إسكندرية الصحراوي ومقامة علي مساحة 700 فدان تبلغ المساحة المبنية من القرية 10% بينما باقي المساحة عبارة عن مساحات خضراء وجداول مائية.

مدارس متكيفة !!!

بجنيه واحد تأجر الحوش وتعمل دماغ
مدارس «متكيفة»
بسمة أبو العزم
في زمن الانترنت والتكنولوجيا تغيرت مفاهيم كل شيء، لدرجة أن تتحول المدرسة من مكان لتلقي العلم إلي مكان لتعاطي الحشيش والمخدرات .. هذا ما يحدث في بعض مدارس منطقة البراجيل بالجيزة .. حيث تحولت المدارس بدلاً من أن تكون مكان للتربية وتلقي العلم أصبح لها دور آخر وهو تعاطي المخدرات .. و«عمل كيف».

أحد الطلاب ـ رفض ذكر اسمه ـ أكد انه ومجموعة من زملائه يتناولون السجائر الملفوفة بالعديد من أنواع المخدرات كالبانجو والحشيش والبودرة المسحوقة، مضيفًا إنه يتم تناولها في المدارس ووراء الحمامات وفي المناطق غير المأهولة بالسكان بمنطقة البراجيل.

وأشار أن هذه الظاهرة ليست جديدة علي المدارس بل موجودة منذ عشرات السنين وأنهم يحصلون علي المخدرات بسهولة، حيث يقوموا بشرائها من شخص يبيعها بالقرب من المدرسة .. كما انها تباع في صالونات الحلاقة، في البداية يحصلون عليها بأسعار زهيدة وبعد ادمانهم يقوم من يبيعها برفع ثمنها مما يؤدي إلي قيام الطلبة بالحصول علي المال بشتي الطرق من أجل الحصول علي «الكيف».

وعن كيفية السماح لهم بتعاطي المخدرات في المدرسة يقول أحمد حسن ـ طالب بإحدي مدارس البراجيل الثانوية ـ إنهم يقومون بتأجير حوش المدرسة بغرض اللعب فيه من فراش المدرسة أو المسئول عن حراستها بجنيه في الساعة ونتجمع نحن ومجموعة أخري من الشباب ويتناولوا هذه الأنواع المختلفة من المخدرات وأحيانا يقومون بالقفز من علي سور المدرسة ليلاً لتعاطي المخدرات معًا فيها حيث إنها المكان الآمن الذي لا يمكن ان يشك أحد اننا نتناول فيا الجشيش والبانجو.

وأشارت والدة أحد الطلاب إلي أن التلاميذ يحصلون علي الأنواع المختلفة من المخدرات من بعض المناطق الزراعية في عزبة البزرجلة بالبراجيل، ويقوم التجار بعد حصولهم علي النباتات المزروعة ويسحقوها لبيعها للطلاب الذين يتناولونها في المدرسة.

لا أحلى ... ولا أروع !!


الدكاترة مملين .. المحاضرات بدري .. إمكانيات ضعيفة .. معاملة سيئة .. وبعد كده عايزين واسطة
طلاب جامعة القاهرة

ندي عزت
«لا أحلي ولا أروع» .. جملة يحفظها الشباب عن ظهر قلب للكابتن أحمد شوبير أثناء تعلقاته علي مباريات كرة القدم، ويسمعونها من عمداء الكليات ورؤساء الجامعات عن الجامعات المصرية والدراسة بها ولكنهم مع ذلك غير مقتنعين بهذا الكلام خاصة وان كلً منهم لديه الكثير من التحفظات علي كليته، خاصة طلاب جامعة القاهرة والتي تعد أعرق جامعة مصرية.

«أمنية وإيمان» بكلية الآثار تحدثا عن كليتهما قائلين: أن مكان المكتبة ضيق جدًا ولا يستوعب أعداد الطلبة ويكون مزدحمًا جدًا .. كما أن بعض الدكاترة لا يحترمون مواعيد المحاضرات والبعض الآخر منهم «ممل ومش بيشرح».
وأضافتا: إن قسم الترميم بالكلية تدرس به مادتا الكيمياء والفيزياء وهما المادتان اللتان توجهنا للقسم الأدبي بالثانوية العامة للهروب منهما، أما القسم الإسلامي فكل ما يدرس به هو المساجد والكنائس وهو لا يفيد في سوق العمل الآن .. أما القسم المصري وهو أفضل الأقسام يأخذ من درجات مرتفعة في اللغة الانجليزية.

وفي كلية طب الأسنان كان ما يضايق «محمد» ان مواعيد المحاضرات «بدري جدًا» علي الطلاب المسافرين يوميًا والذين لا يقيمون بالمدينة الجامعية.
وعن كلية التجارة حدثتنا مروة حسن وقالت: إن المعاملة بشئون الطلبة سيئة جدًا بالاضافة إلي تعصب بعض الدكاترة حتي انه في أحد المرات دخل دكتور المحاضرة فلاحظ قلة عدد الحاضرين فقال: إن نسبة النجاح في هذه المجموعة وستكون 5% وبالفعل نفذ تهديده.

«خالد» أحد طلاب كلية العلوم تحدث عن كليته فقال: أن هناك موادًا بقسم الكيمياء غير متوفرة وان امكانيات المعامل ضعيفة .. واضاف ان أغلب الدكاترة في قسم الرياضة يتعمدون «يسقطوا» الطلبة فنسبة النجاح كل عام 50% فقط .. وعندما نسألهم عن السبب يقولون: ان الطلبة لا تكتب في الامتحان جيدًا.

أما «شيماء وإكرام» فكانتا ممثلتي كلية الآداب وقالتا: إن العدد كبيرًا جدًا وان المعاملة بشئون الطلبة ليست جيدة .. المقاعد غير متدرجة وبالتالي لا نتمكن من الرؤية وأيضًا «الزحمة» .. احنا بندخل المدرج وبنخرج بقوة الدفع .. كما أن المناهج كبيرة جدًا والكتب المقررة أكبر .. هذا ما قالته أمنية ونورا عن كلية دار العلوم.

أما عن كلية الإعلام قالت هبة: أن أطلب المناهج نظرية وان تحدث الدكاترة عن تطبيق عملي وخصوصا بقسم الصحافة يكون البحث بالصحف القديمة وهو مالا نستفيد به أبدًا .. حتي عندما نتوجه بمفردنا للتدريب في أي جريدة نجد ان لا علاقة له لما ندرسه بمجال العمل الخارجي.

وأكملت: ان شئون الطلبة بالكلية ليست علي القدر الكافي من التعاون خاصة في الأيام المزدحمة مثل: وقت دفع المصاريف في بداية العام الدراسي.

«سوزان» كان لديها الكثير والكثير عن كلية الحقوق فقالت: إن الأعداد كبيرة جدًا والقاعات قليلة وصغيرة علي أعداد الطلبة كما ان الكلية تعتمد علي دخل انتساب لذا فالقليلون منهم من ينجحون، مع أن أغلب الطلبة المنتظمين ينجحون .. أيضًا اعتماد أغلب الطلبة علي الدروس لأن القليل جدا من الدكاترة ما نستطيع الفهم وتحصيل المعلومات منه والآخرين أصبح التعليم بالنسبة لهم تجارة.

وأضافت: ان بعض الدكاترة يستمرون في إلقاء الحاضرات لمدة 4 ساعات وأكثر ونحن نضطر للحضور لأن الدكتور خلال هذه المحاضرة قد يقول سؤال في 5 دقائق يأتي في الامتحان .. كما أنهم يدخلوا المحاضرة ويغلقون الأبواب حتي لا يتمكن أحد من الخروج وكأنه «حبس».

وعن كلية الهندسة أخبرنا كريم: إننا نبذل كثير من الجهد في هذه الكلية إلا أن العمل بالخارج مختلف جدًا .. فالدراسة هي عبارة عن منشور ونحتاج إلي قرصات عديدة بعد تخرجنا حتي نتمكن من العمل بعد ذلك.
وكان أبرز ما قيل عن كلية الاقتصاد والعلوم السياسية هو صعوبة العمل بعد التخرج من قسم السياسة لأنه يحتاج إلي واسطة «كبيرة جدًا».

جامعة عن شمس ... ملتقى الأحبة !

الجزيرة .. جيمي .. CH .. جومان .. الخرابة .. الضباب
«تل أبيب» في جامعة عين شمس
الجلوس فيها بهدف المتعة والمذاكرة تضييع لوقت المعاكسات
نانسي مرشدي
جامعة عين شمس كل ما تمشي فيها تحس إنها زحمة قوي .. وتحس أن أغلب الطلاب خارج محاضراتهم قاعدين يقضوا أوقاتهم في الجامعة وجناينها وممرات، وتشتهر جامعة عين شمس بعدد من الأماكن والممرات جعلت منها مقصدًا لعدد كبير من طلاب الجامعة أو من زملائهم الذين يتم دعوتهم لقضاء يوم ممتع في جامعة عين شمس حيث الخضرة والوجه الحسن والمعاكسة ببلاش.

في البداية أول ما تدخل من باب كلية الآداب تجد شباب وبنات كثيرين يجلسون بالقرب من الباب .. والغريب أنهم يجلسون علي الرصيف وليس علي مقاعد ومستمتعين جدًا بهذه الجلسة وبيتكلموا وبيضحكوا وكأن كل شيء في الحياة تمام .. وعندما تسأل أحدهم عن سبب هذا الاستمتاع يرد عليك أنهم دائمًا يتقابلون في هذا المكان ويظلوا يتكلمون كلهم مع بعضهم ويضحكون وعند اقتراب موعد الامتحانات يتحول الكلام إلي الحديث عن المواد والامتحانات ويتبادلون حل الامتحانات .. ويطلق علي هذا الرصيف والممر الذي أمامه اسم «الجزيرة» لا أحد يعلم من اطلق عليه هذا الاسم .. ولماذا؟

وفي كلية الآداب تجد ممرًا آخر مكتظًا بالشباب يقع في وسط حديقة فهم أحيانًا إذا لم يجدوا مقاعد يجلسون عليها في الممر يعبرون سور الحديقة ويجلسون فيها ويطلق علي هذا المكان اسم ممر «جيمي» وترجع مكانته إلي سنوات عديدة تناقلها الطلبة من دفعة إلي أخري ولا أحد يعلم بدايتها فقد سُمي بهذا الاسم لأنه كان يوجد شخص اسمه جمال صاحب كشك خارج الجامعة هذا الشخص كان مسئولا عن تسريب الجوابات الغرامية وتوزيعها علي أصحابها داخل الجامعة .. ومن هنا جاء اسم الممر باسمه «تخليدًا لذكراه» .. وأغلب الذين يجلسون فيه من أقسام معينة هي قسم اللغة الانجليزية وقسم الإعلام فقط .. وبسؤال أحد الطلبة الذين يجلسون فيه فقال: «أنا أقعد فيه لأننا نتقابل فيه أنا وأصحابي ونضيع وقت الفراغ بين المحاضرات وممكن نشرح لبعض المحاضرات ونكتبها ونعمل «الشيتات» ولأنه يوجد فيه بنات حلوة ممكن نعاكسها ونتكلم معاها».

أما علي الرصيف المقابل له تجد أيضًا بعض الشباب يجتمعون ويطلقون علي هذا المكان اسم «العلم» لوجود بعض الأعلام فيه ونجد عند نافورة كلية الآداب أماكن كثيرة يجلس فيها الطلبة يطلقون عليها «تل أبيب» وعن السؤال عن سبب التسمية تعلم أن أغلب من يجلسون فيها من قسم اللغة العبرية بالاضافة إلي الطلبة من الاقسام الأخري، ويقع بجوار ممر «جيمي» ممر آخر اسمه ممر «جومانا» ولا أحد يعلم من اطلق عليه هذه الاسم أو سببه .. ولكن أغلب من يجلس فيه من كلية الحقوق ويأتي بجواره ممر «CH» اختصارًا لـ«Christan» وهو مكان تجمع الطلبة المسيحيين داخل الجامعة ويأتي مواجهًا لكلية الحقوق وبعدهم «حديقة قصر الزعفران» التي أصبح الطلبة يجلسون فيها لأول مرة هذا العام بعد الزيادة الشديدة لأعدادهم.

أما في كلية العلوم نجد ممر «علوم» ولكن من يجلس فيه هم طلبة كلية الحقوق!! .. وبسؤال أحدهم عن سبب جلوسه في هذا الممر فقال لي: «إنه يقعد في «ممر علوم» لانه يوجد به بنات حلوة وروح حلوة وأيضًا ليكون بجوار الكافيتريا فهم يحضرون المحاضرات ثم يذهبون إليه ليتناقشوا فيها وينقلوها من بعض ثم يهزروا ويضحكوا» .. ويوجد ممرًا آخر يطلق عليه «البنك» لأنه يقع بجوار بنك مصر ويجلس فيه الطلبة من مختلف الكليات.

لم نكمل ممرات جامعة عين شمس .. ولكن هذه كانت أشهرها أثناء جولتنا داخل منطقة كليات الآداب والحقوق والعلوم والحاسبات والمعلومات .. انتقلت بعدها إلي كلية التجارة للتعرف علي أبرز أماكنها وممراتها فسألت أحد الطلبة عنها فرد عليّ «إنه توجد أماكن عديدة لتجمع الشباب داخل الكلية مثل منطقة «العواميد» ويطلق عليها كذلك لكثرة وجود العواميد بها وكذلك منطقة «الملعب» لوجود ملعب كرة قدم بها و«شارع الضباب» الذي يوجد بجوار الباب الرئيسي للكلية وسٌمي بذلك لكثرة وجود الطلبة به وتكدسهم فيه ومنطقة «الخرابة» لأنها المنطقة الوحيدة التي يوجد بها حديقة وذلك علي عكس اسمها تمامًا وأخيرًا أسرة «أسوان» .. وعند سؤاله عن المكان الذي يفضل الجلوس فيه فقال لي: إنه يحب الجلوس في أسرة أسوان لأنه مشترك فيها وأحيانًا يفكرون في عمل حفلات في الكلية أو استضافة أحد الشيوخ أو اقتراح بعض أماكن الرحلات وكذلك لان أصحابه كلهم يجلسون هناك ويظلون يضحكون ويلعبون فيها.

هذه الأماكن هي الأشهر في جامعة عين شمس ولكن أهم ما يجمع بينهما جميعًا هي الروح الحلوة الخفيفة التي توجد بين الطلبة الذين يجلسون فيها، وبعد الجولة التي قمنا بها داخل الكليات يمكن أن نجد سببًا واحدًا لهذه الزحمة وهو أن الأمر لم يعد يقتصر علي طلبة الجامعة فقط وإنما علي الطلبة «المعزومين» أيضًا الذين يتم دعوتهم لتمضية بعض الوقت مع أصحابهم،

البنات حتعمل ف نفسها إيه اكتر من كده ؟!

الشباب بيصرخوا:
البنات هتعمل في نفسها إيه أكثر من كده؟َ
نانسي مرشدي
«ارحمنا يارب» .. البنات هتعمل في نفسها إيه أكثر من كده .. وغيرها الكثير من الجمل سمعتها أو قلتها مرة عندما مرت عليك بنت لابسة مش علي مزاجك، فاستيلات اللبس التي ترتديها الفتيات علي كل لون وشكل ومع كل موضة جديدة يثور الشباب علي هذا الجديد، ولكن البنات شايفها حرية شخصية إن الواحدة فيهم بتلبس علي الموضة وان الشباب اللي بيعكسوها أو رافضين ده ناس مش محترمة.

ففي كل يوم نلاقي موضة جديدة البنات طالعة فيها، مرة البنطلون الضيق والبادي القصير .. ومرة ثانية الايشارب «الاسنبش» ودلوقتي الجيبة القصيرة والبنطلون الاسترتش البرمودا تحتها.

الشيء العجيب الذي استفز عدد من الشباب والبنات إنك تلاقي البنات المحجبات بيقلدوا غيرهم وبيلبسوا البرمودا القصير والجيبة عليه، من غير ما تسأل نفسها هينفع ايه اللي هي عملاه ده ولا لا؟! .. من الطبيعي ان الموضوة تنتشر بين الشباب لكن مش من الطبيعي اننا نقلد وخلاص.

عمرو عبدالكريم قال: البنات بقي لبسها «أوفر» أوي وهما بصراحة «بيستهبلوا» أوي في اللي بيعملوه ده لذلك بتحصل مشاكل كثيرة بسبب اللبس وللأسف كل مرة يزيدون فيها من السيء للأسوأ ولا يوجد عندهم حدود بيلفت نظري أوي المحجبة اللي لابسة كده طب إيه اللي جاب الحجاب اللي أنت عملاه ده ما هو ده تقلعيه وتبقي براحتك يا تلبسيه وتبقي محررمة، تلاقيها رايحة تصلي وتقولك أصل في إسدال في الجامع .. يعني هو انت لازم تكوني محترمة ساعة الصلاة بس!!

أيدت عبير عصام نفس الكلام وقالت بصراحة أنا بحس ان احنا علي «البلاج» أو في النادي وليست كلية والمفروض تكون البنت محترمة فيها وللأسف انتشرت جدًا وأكيد هيطلع أسوأ منها.

لكن أحمد حسين قال كلام تاني: أنا عاجباني الموضة بس فيه ناس جهلة بتلبس اللبس ده وهو مش لايق عليها وبيقلدوا وخلاص وكمان تلاقي المحجبة لبساه وهو مينفعش مع الحجاب أصلا لأنها لازم تحترمه إنما هو كاستيل فهو جامد أوي.
وخلود سعيد قالت إن ممكن البنات بتعمل كده علشان تتعاكس من الشباب وفكرين إنهم أحسن ناس أو شكلهم حلو انما هما شكلهم سيء جدًا والحاجة الغريبة ان المحجبات بيلبسون اللبس ده طب ازاي يعني!!

واضافت آية فكري أنا مش بحبه لأنه ضيق أوي والبنات بتكون «تخينة» لذلك مش بيليق عليها بس الستات بتوع زمان كانا بيلبسو القصير الضيق ولكن مش للدرجة دي فممكن يكونا بيقلدوا الموضة بتاعة زمان.

وذكرت سمر إسماعيل أنها لا تحبه لأن شكله مش كويس وحتي البنت المحجبة اللي بتلبسه فهي مسلمة برده فالموضوع مش هيجزأ لأنها مش تحترم اللي هي لابساه لكن فيه ناس راضية عنه وناس لا .. بس أكيد هو مقبول والا مكنش انتشر كده وممكن تكون البنات بتلبس كده علشان تقلد الناس «اللي بره» علشان تكون متمدنة ومتحضرة ولكن العكس صحيح.

وحكي عبدالله محمود موقف مر به فقال: أنا مرة شفت بنت لابسة البنطلون الاسترتش البرمودا ولكن من غير الجيبة اللي فوقيه فاستغربت أوي يعني هي نسيت تكمل لبسها!! .. بصراحة كده مش عارف إيه أخرة «قلة الأدب» دي لكن ربنا يستر علينا كلنا.

أما مصطفي أحمد فقال: أنا مش عارف البنات هتعمل في نفسها إيه أكثر من كده بس أنا يلفت نظري البنت اللي تبقي لابسة كده وخاصة لما الموضوع انتشر وبدعيلهم ربنا يهديهم.

حكاوي قهوة الفيشاوي (1)

حكاوي الفيشاوي
منير الفيشاوي
يعود تاريخ مقاهي القاهرة إلي مئات خلت من السنين،
حيث كانت قبل القرن السادس عشر الميلادي مجرد أماكن تباع فيها المشروبات الساخنة مثل: القرفة والحلبة والزنجبيل والكركدية ..
ثم خلع عليها لقب أو اسم «المقهي» أو «القهوة» بعد دخول مشروب القهوة إلي مصر عام 905هـ، علي يد أبو بكر بن عبدالله الشهير بالعيدروس ..
حيث ذاع صيت هذا المشروب الجديد بوصفه «فيه تجفيف للدماغ، واجتلاب للسهر وتنشيط للعبادة» .. ولكن ..
علي صعيد آخر .. تسبب مشروب القهوة في إحداث لغط بين الناس آنذاك، فقد حرمه البعض لما رأوا فيه من ضرر،
وآخرون ـ أهمهم المتصوفة ـ تحمسوا له وحللوا احتساءه، حتي حسمت هذه المشكلة بتأييد رأي المتصوفة، فانتشر بعدها في كافة أرجاء مصر المحروسة وأطلق علي الأماكن التي تقوم بإعداد وتقديم مشروب القهوة للزبائن اسم «المقاهي» أو «القهاوي».


وقد تطور مشروب القهوة في تركيبته وطرق إعداده، فابتدع البعض خلطات «تحويجات» من الحبهان وجوزة الطيب ومساحيق عطارة أخري تضاف إلي البن المطحون والمحمص بدرجات متفاوتة، وذلك لاعطائها نكهة خاصة، وكانت القهوة في بداياتها تعد في إناء يدعي «البكرج» والذي استبدل بعد ذلك بـ«الكنكة» الحالية والتي يتم فيها إعداد مشروب القهوة التركي، والتي يفضلها المصريون بوجود فقاعات البن علي سطحها دون غليها، أما مشرقيو العرب فيفضلونها مغلية.

وينقسم مشروب القهوة التركي إلي مذاقين رئيسيين .. مذاق البن الخالص .. ومذاق البن المحوج، ويتفرع كل منهما إلي مذاقات فرعية تتوقف علي درجة تحميص البن «غامق ـ وسط ـ فاتح» وحسب كميات السكر المخلوطة به حسب الرغبة، ولكل منها اسم لدي نادل المقهي:
قهوة سادة «سكيلتو»: زي بدون سكر، قهوة علي الريحة: بسكر قليل جدًا، مظبوط: سكر متوسط، قهوة زيادة: بسكر كثير، قهوة مانو: بسكر ما بين المظبوط والزيادة، قهوة زيادة كعب عالي: بسكر كثر جدًا.
من ناحية أخري .. فقد شهد النصف الثاني من القرن العشرين .. وحتي الآن تطورًا هائلاً في صناعة مشروب القهوة، حتي صارت هناك عشرات من الأنواع المستحدثة لهذا المشروب مثل: نسكافيه، إسبرسو، كابتشينو، لاتيه ... إلخ.

أما الدخان .. فلم يكن أفضل حظًا من مشروب القهوة .. بل علي العكس، فقد تمسك كثير من فقهاء وعلماء المسلمين بتحريمه إبان ظهوره لأول مرة في مصر المحروسة سنة 1012هـ، حسبما ذكر المؤرخ المعاصر «الإسحاقي» بل وكثيرًا ما كان يطارد مدخنيه، فقد ذكر الجبرتي في حوداث سنة 1156هـ «إن الوالي العثماني أصدر أوامره بمنع تعاطي الدخان في الشوارع وعلي الدكاكين وأبواب البيوت، ونزل معه الأغا ونادي بذلك، وشدد بالإنكار والنكال بمن يفعل ذلك، وكان كلما رأي شخصًا بيده الدخان يعاقبه .. وربما أطعمه الحجر الذي يوضع عليه الدخان بما فيه من نار» .. ولكن المتصوفة تعصبوا أيضًا للدخان، كما سبق وتعصبوا للقهوة، وبلغ ولعهم للدخان أوجه، أن نظم شاعرهم أبو الدهب البكري قصيدة في الدخان قال فيها:
هات اسقني التبغ إن نبع الصفا سحرًا
حتي اضرر منه وهو إغشاء
واستجل أنوار شمع من
قد زانه قامة بالحسن هيفاء
لعل نار رأسي بالبعد قد وقدت
يومًا يكون لها بالقرب إطفاء

ومن هنا بدأ انطلاق أدوات التدخين بالمقاهي.، وتطورت من الجوزة إلي الشيشة إلي النرجيلة .. وكلمة النرجيلة مستقاة من كلمة «النار جيل» وهو الاسم الذي يطلق علي ثمار جوز الهند .. وترجمتها الحرفية هي «الجوزة»، أما الشيشة فهي اسم مرادف بمنطقة المشرق العربي وبلاد فارس لـ«البرطمان الزجاجي» .. وهذه التعريفات علي ترتيبها المذكور، توضح ان آلة التدخين بالمقاهي قد بدأت بثمرة جوز الهند المفرغة والمرتبط بها عودان من الغاب طرفاهما السفليان داخل الجوزة، ومغمور أحدهما بالماء، الطويل منها لسحب الدخان، والآخر المغمور يوضع علي طرفه حجر به الدخان وفوقه الجمر .. وتسمي هذه بالجوزة، والتي ما لبثت ان تطورت باستبدال ثمرة جوز الهند المفرغة ببرطمان زجاجي مع ثبات باقي مكونات الجوزة بنفس الوصف والتركيب وسميت «شيشة» .. والتي أيضًا تطورت مع تطور حرفة صناعية وتشكيل الزجاج وزخرفته .. حيث تم استبدال البرطمان .. بفارغة زجاجية اسطوانية عريضة في قاعدتها .. وضيقة في قمتها، يثبت فيها القلب النحاسي، يتفرع عنه مكان وضع الحجر فوق قمة القلب، ومن أوسطه مخرج يرتبط بما يشبه الأنبوب اللين أو الخرطوم المصنوع من الجلد .. ويسمي «ليّْ» .. والذي ينتهي عند مقدمته بمبسم أو فُمّْ مصنوع من الكهرمان أو البلاستيك .. وهو شكل النرجيلة أو «الشيشة» كما يفضل المصريون تسميتها.

وتتعد أنواع التبغ المستخدمة في كل من الجوزة والشيشة والنرجيلة، فتبغ أو دخان المعسل، والذي يتكون من أوراق التمباك المقصوصة قصًا رفيعًا ومخلوطة بالعسل الأسود، يتم تدخينه بواسطة الجوزة والشيشة.

أما في حالة تدخينه بواسطة النرجيلة، فيطلق عليها اسم سريع أو بوري نسبة إلي التسمية الفارسية والعربية المشرقية للأنبوب الجلدي الممتد عبر مبسم إلي الفم .. كما تستخدم النرجيلة أيضًا في تدخين معسل الفواكه حديثًا .. والذي اتسعت تنويعاته لتشمل التبغ المخلوط بالجلسرين وعسل الفواكه مثل: التفاح، الخوخ، الكنتالوب، المانجو، الورد ... إلخ، كذلك تبغ «الجيراك» وهو تبغ مخلوط بالفواكه العطنة مع بعض الزيوت، أما تبغ التمباك، فيتم إعداده عن طريق قص أوراق التمباك ووضعها فوق حجر النرجيلة ولفها بورقة تمباك سليمة منداه بالماء .. ويتنوع التمباك إلي مذاقين .. الهادئ منها حين يوضع في حجر النرجيلة يطلق عليه «شيشة عجمي» .. والحامي منها يطلق عليها «شيشة حمي» أو «حِمِّية» .. وكان النادل يعمم تسمية «نادية» علي هذين النوعين من التمباك، أي يوصي معد الحجر بأن يندي ورقة التمباك السليمة قبل أن يلفها حول التبغ .. صائحًا: «من عندك نادية».

أما أكثر المشروبات شعبية وحظًا .. فهو مشروب «الشاي» .. وهو يعتبر الأكثر حداثة في عالم المشروبات الساخنة، حيث لم يدخل مصر إلا في القرن التاسع عشر الميلادي، وسر حظه انه لم يلق خلافًا من حيث تحريم شربه أو تحليله مثل سابقيه .. فاتفق عليه جموع الناس، وأصبح ذا شعبية جارفة بمصر المحروسة .. وحتي الآن.
وللشاي أنواع رئيسية .. وأخري فرعية، فهناك الشاي الأحمر «العادي»، والشاي الأخضر، والشاي الأبيض «والذي تنفرد مقهي الفيشاوي بتقديمه ومد القصر الملكي به خلال النصف الأول من القرن العشرين» .. ويدعي حاليا شاي «دارجيلينج» .. ويتم إعداد النوعين الثاني والثالث بطريقة عادية .. بوضع مسحوق كل منهما علي المياه المغلية، أما النوع الأول «الشاي الأحمر» .. فهناك العديد من الاسماء له، تتبع كل منها طريقة إعداده وتقديمه، ولها مصطلحات معينة لدي نادل المقاهي شبه متفق عليها مثل:
«مليان واحد»: أي براد صغير مملوء بالشاي، «شاي في الخمسينة» أي شاي في كوب صغير، «كباية مصري» أي شاي في كوب كبير، «شاي كشري» أي بوضع مسحوق الشاي بالكوب ويلقي عليه الماء المغلي، «شاي طيارة» يعد بوضع الماء المغلي بالكوب ثم يتم اسقاط كيس صغير مملوء بالشاي «باكيت» .. «شاي ميستكوفي» يعد بصب الماء المغلي أولاً في الكوب ثم يضاف إليه مسحوق الشاي، «شاي فريسكا» أو «شاي علي ميه بيضا» ويعد بوضع مسحوق الشاي وفوقه السكر بالكوب ثم يصب الماء المغلي عليهما بحرص علي ظهر الملعقة الموضوعة بداخل الكوب .. دون أن يختلط الشاي والسكر بالماء إلا بتقليبهم، «شاي صعيدي» أي شاي ثقيل، «شاي ميزة» وهو شاي معد بالطريقة العادية مخلوط باللبن الحليب بنسب متقاربة، «شاي مه فيه» يعد من اللبن الحليب الخالص الساخن ويخلط به مسحوف الشاي، «شاي بربري» يعد من الشاي الثقيل المخلوط بقليل من اللبن الحليب، أما «سكر بوستة» فهو نداء يلحق أي من الطلبات المذكورة .. ويقصد به وضع السكر في إناء صغير علي حده مجاور للشاي المطلوب .. حسب الرغبة.

من ناحية أخري .. فمقاهي مصر المحروسة اعتادت ـ وحتي الآن ـ اطلاق تسميات حركية علي معظم المشروبات الأخري التي تقدمها للزبائن مثل: القرفة «فانيليا»، السحلب «بندق»، حمص الشام «حلبسة»، كركديه «عناب»، تمر هندي «تمر»، حلبة «حصي/زلط»، الزنجبيل «جنزبيل»، كاكاو «كريمة».

لعبت مقاهي مصر المحروسة دورًا مهمًا في ترسيخ الثقافات الشعبية، حيث كانت مركزًا رئيسيًا لرواية قصص السير الشعبية والملاحم مثل: «السيرة الهلالية» .. والتي تروي مآثر أبو زيد الهلالي سلامة، و«الظاهرية» التي تروي قصة القائد المملوكي الظاهر بيبرس، علاوة علي قصة «الأميرة ذات الهمة» و«الدرة الملكة في فتح مكةالمبجلة»، و«غزوة الإمام علي مع اللعين الهضام بن الحجاف»، و«فتوح اليمن المعروفة برأس الغول».

كما كانت تروي أيضًا بالمقاهي قصص: سيف بن ذي يزن، ألف ليلة وليلةج، سيرة عنترة بن شداد العبسي .. وغيرها، وكان أصحاب المقاهي يستقدمون المنشدين والرواة والحكواتية الذين كانوا يتخذون من موسيقي آلات الطرب كالربابة والعود .. خلفية مصاحبة لرواية وإنشاد السير الشعبية، وقد ساهمت تلك الفعاليات التراثية والشعبية في ترسيخ عادة ارتياد الناس لمقاهي مصر المحروسة للاستمتاع والالتقاء بالأصدقاء، وتجاذب أطراف الأحاديث مع الحاضرين، وتبادل النجوي وخلق الصداقات الجديدة وكسر حواجز الوحدة والملل لدي البعض، وانفاق أوقات الفراغ في لعب الدومينو والطاولة والشطرنج والورق، بل وتعدي الأمر إلي نطاق الإبداع الفني والأدبي .. والالتقاء بوحيهما من خلال التواجد بالمقاهي مثلما كان الحال بالنسبة للشاعرين الكبيرين عبدالحميد الديب «شاعر البؤس» وكامل أمين «صاحب الملحمة المحمدية ذات الـ29 ألف بيت» .. وأديب نوبل نجيب محفوظ «الأستاذ» .. بالإضافة إلي الكاتب الكبير جمال الغيطاني ـ الصديق فوق العادة ـ والذي استقينا قدرًا يسيرًا من المعلومات آنفة الذكر وربما بعضًا من الآتية من حواراتنا معه وكتاباته المتفرقة القيمة وفي مقدمتها كتابه «ملامح القاهرة في ألف سنة».

ومن الثابت تاريخًا أن مصر المحروسة «القاهرة» قد عجت بالمقاهي منذ عدة قرون خلت، فقد ورد بأحد أجزاء موسوعة «وصف مصر» التي أعدها علماء الحملة الفرنسية علي مصر «1798 ـ 1801م» حث جاء به النص التالي حول المقاهي:
«تضم مدينة القاهرة حوالي 1200 مقهي بخلاف مقاهي مصر القديمة وبولاق، حيث تضم مصر القديمة 50 مقهي، أما بولاق فيبلغ تعداد مقاهيها المائة، وليست لهذه المباني أية علاقة بالمباني التي تحمل نفس الاسم في فرنسا إلا من حيث استهلاك البن علي الرغم من ان هذا المشروب يُعدّو يُشرب بطريقة مختلفة، فليس في هذه المباني أثاثات علي الاطلاق، وليس ثمة مرايا أو ديكورات داخلية أو خارجية .. فقط ثمة منصات «دكك» خشبية تشكل نوعًا من المقاعد الدائرية بطول جدران المبني، وكذلك بعض الحصر من سعف النخيل أو أبسطة خشنة الذوق في المقاهي الأكثر فخامة بالاضافة إلي بنك خشبي عادي بالغ البساطة».

كان ذلك وصفًا لمقاهي مصر المحروسة في أواخر القرن الثامن عشر، والذي اضاف إليه المستشرق الانجليزي إدوارد وليم لين في كتابه «المصريون المحدثون» في مطلع القرن التاسع عشر إبان زيارته للقاهرة واقامته بها لفترة طويلة حيث ذكر نصًا: «إن القاهرة بها أكثر من ألف مقهي، والمقهي غرفة صغيرة ذات واجهة خشبية علي شكل عقود، ويقوم علي طول الواجهة ـ ما عدا المدخل ـ مصطبة من الحجر أو الآجر تفرش بالحصر ويبلغ ارتفاعها قدمين أو ثلاثة وعرضها كذلك تقريبا، ويرتاد المقهي أفراد الطبقة السفلي والتجار وتزدحم بهم عصرًا ومساء، وهم يفضلون الجلوس علي المصطبة الخارجية، ويحمل كل منهم شبكه الخاص وتبغه، ويقدم القهوجي القهوة بخمس فضة للفنجان الواحد، أو عشرة فضة للبكرج الصغير الذي يسع ثلاثة فناجين أو أربعة، ويحافظ القهوجي أيضًا بعدد من آلات التدخين من نرجيلة وشيشة وجوزة، وتستعمل هذه الأخيرة في تدخين التمباك والحشيش الذي يباع في بعض المقاهي، ويتردد الموسيقيون والمحدثون علي بعض المقاهي في الأعياد الدينية خاصة...».
ولعل من حسن الطالع ان معظم ما جاء بالوصفين التاريخيين الآنفين بشأن المقاهي ومحتوياتها، يشهد بقدم وعراقة وتاريخ ومعاصرة مقهي الفيشاوي لتلك التفاصيل، حيث ما يزال يحوي بين جنباته وعلي أرففه السقفية، بعضًا مما ورد بالوصفين من أثاث قديم ودكك وأوان نحاسية وأدوات تدخين قديمة، وان أضيفتا إليها المرايا الضخمة المحاطة ببراويز خشبة منحوتة نحتًا بارزًا وتحف نفيسة غاية في الروعة والإبداع الفني والتاريخي .. والتي كانت ذات يوم منذ قرون مضت .. أجزاء من زخارف القصور الملكية في عهود سبقت تزامنت وتلت ولاية محمد علي باشا حكم مصر والتي بدأت في عام 1805، وهي تلك العهود التي صاحبها نشأة وتأسيس وتأثيث وتطور ازدهار ونهضة مقهي الفيشاوي منذ عام 1771 وحتي 1968، ثم المرحلة الثانية من عام 1969 وحتي الآن، تناولتها أيدي تسعة أجيال، توارثت حب المكان والانتماء له فحافظت واضافت أيضًا علي رونقه وتحفه ومقتنياته وذكرياته ووقاره وجوه الساحر الذي ينطق بعبق تاريخ مصر الحديث علي مدي أكثر من قرنين من الزمان مرورًا بأشهر الشخصيات السياسية والأدبية والفنية المصرية والعربية والعالمية التي ارتادته، وأهم الأحداث السياسية والثورية والوطنية التي حلت بالبلاد .. حتي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تاريخ مصر .. بل وهناك من يعتبرها هرمًا رابعًا لمصر ذاتها.

كانت تلك مقدمة للجو العام لمصر المحروسة في الفترة التاريخية التي أحاطت بزمن نشأة مقهي الفيشاوي .. والذي سنبدأ الخوض في تفصيلاتهاوملابساتها اعتبارًا من العدد المقبل .. فما ذكرناه هو «غيض من فيض» .. فإلي اللقاء.


البريمو ... يكسب

لســــــــه..
عم محمد بينادي .. وفي ميدان رمسيس
البريمو .. يكسب
عرفتها مصر علي يد الخواجة كرياكو .. وأسعارها تبدأ بـ25 قرشًا وتنتهي بجنيه!!
عبير حامد ـ محمد سامي
تعلقت في أذهاننا من خلال الأفلام الأبيض والأسود القديمة، عرفنا ان البعض يعلق آماله عليها ويرسم مستقبله علي أساسها وينفق ما لديه من أموال من أجلها أملاً في الوصول إلي الثراء السريع أو الحصول علي ورقة البريمو .. وتخيلنا أن عصرها قد ولي وانتهي ولكن المفاجأة ان ورقة اليانصيب موجودة حتي الآن ولها سوق في مصر بل وفي العالم كله .. ولكن ما حدث ان الأضواء قلت من عليها وتناساها الإعلام حتي خيل لنا أنها انتهت.

تعتبر صناعة اليانصيب سادس أكبر صناعة نامية علي صعيد العالم حيث تؤكد الأرقام والاحصائيات الواردة من جمعية اليانصيب العالمية ان هناك حوالي 150 دولة لديها مشاريع يانصيب تتراوح في حجمها بين دولة وأخري وان معدل نمو هذا القطاع يبلغ 18% ليحتل بذلك المركز السادس بين القطاعات الاقتصادية الأكثر نموًا.

عرفت مصر ورق اليانصيب في بداية الثلاثينيات علي أيدي الأجانب وأشهرهم الخواجة «كرياكو مانرد ميخالوس» صاحب مكتب اللاتحاد المصري لليانصيب في الستينيات والذي اشتهر بلقب ملك اليانصيب وكان لهذه التجارة عدد من المكاتب في مختلف المحافظات إلا أنه تم إلغاؤها بعد اشراف وزارة الشئون الاجتماعية عليها وأسند لبنك القاهرة فرع الإسعاف مسئولية الاشراف علي سحب ورق اليانصيب.

وقد اهتمت وزارة الشئون الاجتماعية ببائعي اليانصيب في مصر فأنشأت لهم رابطة عام 1967 كجمعية مركزية ذات نفع عام وفقًا لأحكام القانون رقم 32 لسنة 64 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة.

وتقوم هذه الرابطة بمتابعة أحوال البائعين وحل مشكلاتهم وتشجيعهم وحمايتهم أثناء مزاولة عملهم حيث قامت الوزارة بإصدار ترخيص لمزاولة هذه المهنة المنصوص عليها بالمادة الرابعة من القانون رقم 93 لسنة 1973 وذلك لمنع رجال الأمن من التعرض للباعة ومنعهم من تأدية عملهم.

ويوجد في مصر حوالي 40 متعهدًا .. وكل متعهد يعمل معه عدد من الباعة ويتسلم المتعهد حصته من الورق حسب حاجته ووفقًا لعدد البائعين الذين يشرف عليهم ..تحدد الرابطة الحد الأدني والأقصي لكل متعهد وتبدأ الأسعار من 25 قرش للورقة حتي جنيه، وكل ورقة لها بريمو خاص بها والبريمو هي كلمة تطلق علي الورقة الفائزة آخر السحب بأكبر جائزة.

كل ورقة من أوراق اليانصيب مدون بها رقم عن طريقة ما يتم معرفة الورقة الرابحة حيث توضع الأرقام التي ربحت في كشوف الجوائز باللونين الأحمر والأزرق وعلي كل حامل لورقة اليانصيب ان يبحث عن رقم ورقته في هذه الكشوف التي تكون مع الباعة.

الاقبال يتزايد علي الورقتين فئة 25 قرشًا و30 قرشًا والتي يكون السحب عليها يوميا وهناك فئات أخري يكون السحب عليها اسبوعيا وأخري شهريًا.

وقد وجهت الوزارة مسار اليانصيب للخير إذ جعلته مساهمة في دعم المشروعات والمؤسسات الخيرية التي تسعي لخدمة فئات المواطنين المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة والصم والبكم وأطفال الشوارع ومرضي السرطان والأمراض المزمنة.

بائعو اليانصيب ينتشرون في جميع المحافظات وخاصة الأماكن المزدحمة بها .. وفي الاسعاف بوسط البلد وجدنا عم «محمد عبدالمنعم السيد» يجلس علي الرصيف ويفرش أمامه أوراق اليانصيب فئات الـ25 قرشًا والـ50 قرشًا والجنيه .. فاقتربنا منه واشترينا منه بعض الورق ليحكي لنا عن مهنته .. فقال إنه يعمل في هذه المهنة منذ خمسين عامًا ويأتي من الساعة السابعة صباحًا ويجلس في ميدان الاسعاف إلي السابعة مساء يوميا ولديه رخصة لبيع الورق من وزارة التضامن الاجتماعي كما انه ينتمي إلي رابطة بائعي أوراق اليانصيب وترشح عدة مرات لرئاستها ولكنه رفض.

عم محمد يعدد لنا بائعي اليانصيب علي مستوي الجمهورية وهم 290 بائعًا وهذا عدد قليل جدا كما يقول حيث كان يعمل في هذه المهنة قدميا أكثر من أربعين ألف بائع وقد حاول ان يورث المهنة لأولاده ولكنهم كانوا يملون نظرا للصعوبات الموجودة بالمهنة.

ويعرف عم محمد زبائنه جيدا بالاسم لأنه يصف من يقبل علي هذه اللعبة بالمدمن إذا جربها مرة لا يستطيع تركها.
ويبيع يوميا حوالي 300 ورقة ومكسبه منها 15 جنيهًا علي كل مائة ورقة خمسة جنيهات مكسب كما يحصل علي مائة جنيه سنويا من الرابطة وفي الغالب تكون له الحلاوة من الزبن الفائز بالبريمو.

وبالرغم من طول المدة التي عمل فيها بهذه المهنة فهو لم يمارسها طول حياته لأنه يري ان العدد كبير جدا ونسبة الفوز قليلة فيفضل بيع الورق كاملا ويكتفي بمكسبه من البيع، وبالنسبة لزبائنه فيقول إنهم من كل الفئات .. الشباب وكبار السن من النساء والرجال ومن الأغنياء والفقراء وله فئة كبيرة من رجال الأعمال.
وأثناء حديثنا معه وجدنا عم ابراهيم 87 عامًا يستند علي عصاه ويسأل عم محمد عن الورقة التي بها نتائج السباق والأرقام الفائزة ليبحث عن أرقام أوراقه التي اشتراها في اليوم السابق، وقال عم ابراهيم إنه يلعب في ورق اليانصيب منذ خمسين عامًا وهو زبون دائم لعم محمد منذ أيام الملك فاروق.

ويضيف ان هذه التجارة كانت في الماضي لها شعبية اكثر من الآن وزبائنها كثيرون، وكان يشتري ورقة اليانصيب بـ20 مليمًا ووقتها كسب البريو وكان مائتي جنيه وهذا مبلغ كبير وقتها .. ولم يستطع الانصراف عن شراء الورق منذ ان كسب البريمو لأنه أدمنها ولا يستطيع تركها.

أما مصطفي محمد ـ 35 عامًا ـ فهو زبون جديد لهذه الأوراق وكان يدمن قبل ذلك نشاط شبيه ولكن من نوع آخر وهو سباق الخيل وعندما وجد ان هذه المسابقات تخسره الكثير حيث خسر خلال موسم واحد 4 آلاف جنيه فلجأ إلي أوراق اليانصيب بديلا لسباق الخيل لأن ثمنها أرخص ولا تكلفه المبالغ التي كان ينفقها علي سباق الخيل.
ويضيف انه كان يفوز أحيانًا في سباق الخيل ولكن هذه الأموال لا ينفقها علي أولاده لأنها حرام فينفقها علي الترفيه كأن يشتري نوع سجائر أغلي أو موبايل حديث وهكذا.

ويؤكد انه لا يحتاج هذه الأموال ولكنه أدمن هذا النوع من المسابقات ويؤمن جدًا بموضوع الحظ.
رجب السيد يقول إنه يتابع باستمرار ورق اليانصيب ويحرص علي شرائها اسبوعيا بالرغم من ارتفاع مستواه المادي وعدم احتياجه للمال بل يصرف علي هذه الهواية حوالي 50 جنيهًا شهريًا لإشباع رغبته في الدخول للسباق .. ويعتبر انه عمل خيري يقوم به حيث يذهب جزء من ثمن بيع هذه الأوراق إلي الجميعات الخيرية والمستشفيات .. ويقول إنه فاز مرة بالبريمو وكان قدره 3600 جنيه.

العاملون في هذه المهنة يشكون حالها واهمال البنك لها فكان يخدم علي هذه المهنة ثماني أفراد لفرز الأوراق واجراء السحوبات ولف البلية واصدار الأوراق بالأرقام الفائزة والآن لا يوجد في البنك سوي عاملين فقط يرفض البنك تعيين عمال آخرين وبذلك فهناك اهمال أصاب اللعبة كما يطالبون بإعادة زيادة الأرقام الفائزة في السحب مثلما كانت في الماضي وخصوصا بعدما قلت الضريبة المفروضة عليهم.

الدكتور علي المليجي أستاذ علم النفس وعميد كلية التربية النوعية سابقا يعتبر زبون اليانصيب مدمن فهو يتكاسل ولا يجتهد لتحقيق أهدافه ويلجأ إلي الطريق السهل الذي قد يحقق طموحاته من خلاله ويكون لديه رغبة في الثراء السريع .. وغالبا يكون زبون هذه التجارة من الفئة المطحونة التي تعاني مشكلات كثيرة . وتجد في اليانصيب ما يجعلهم ينسون واقعهم ومشاكلهم ويتعلقون بأمل الفوز والحصول علي البريمو ويطلق عليهم اسم أصحاب النفوس الضعيفة الذين لا يصنعون نجاحهم بأنفسهم ولا يكون لديهم رضا عن الواقع.

أما عن رأي الدين فيقول الدكتور محمود عاشور وكيل الأزهر إن ورق اليانصيب يعتبر نوعًا من المقامرة غير مضمونة العواقب والتي لا تصح ولا تجوز في دولة إسلامية وبذلك فهي حرام شرعًا مثلها مثل القمار.

جهينة .. قبيلة الصحابة(1)

تابعوا معنا تاريخ قبيلة جهينة على مدار 12 حلقة
من مشاهيرها مصطفى الفقي ، جمال الغيطاني ، محمد عودة ، عائلات الدالي ، الضبع ، ثابت و عبد الآخر
الحلقة الأولي
العاصمة .. جهينه قبيلة الصحابة

لقبيلتنا ـ جهينه ـ تاريخ شجي، قل أن تجد مثله بين التواريخ .. فبشهادة النسابين والمؤرخين .. إن جهينه قبيلة عربية من أعظم القبائل عددًا .. وأعلاها شأنًا، وأمنعها جانبًا، قبل الإسلام وبعده .. وكان لها شرف السبق إلي الإسلام .. ومساهمتها في الدفاع عنه، وقد صحب رسول الله (صلي الله عليه وسلم) من رجالها ما يزيد علي المائة والسعبين صحابيًا أسهموا بدور بارز في الفتوح الإسلامية وإدارة الأمصار .. ومنهم كانت نواة أول جهاز استخبارات عسكرية في الإسلام، وكان لأبنائها دور عام في تعريب السودان ونشر الإسلام في دول الجوار، ومشاركتهم في اقامة الممالك العربية، وقد توارث أبناء القبيلة هذه المزايا كابر عن كابر .. طوال الحقبات التاريخية الإسلامية حتي عصرنا الحاضر.

الجذور حسب آراء النسابة والمؤرخين وعلماء الآثار..
جهينه بضم الجيم وفتح الهاء وسكون الياء وفتح النون وهاء في الآخر، والنسبة إليها «جهني» بحذف الياء والهاء .. وتنسب كما تذكر المصادر العربية إلي: جهينه بن زيد بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن عمرو بن زهرة بن زيد بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان .. ويتمسك معظم أبناء جهينه بهذا النسب .. وعليه بنيت عصبيتهم ومفاخراتهم.

وسبأ كما يذكر «خير الدين الزركلي» في كتابه «الإعلام»، والدكتور جواد علي في كتابه «المفضل في تاريخ العرب قبل الإسلام»، و«الدكتور فاضل الربيعي في كتابه «شقيقات قريش» من كبار ملوك اليمن في الجاهلية الأولي، وإليه نسب نسله السبئيون، وقد زعموا أن اسمه الحقيقي هو «عبد شمس» وأما سبأ فلقب لقب به، لأنه أول من سبأ «أي سن السبي» من ملوك العرب وأدخل اليمن السبايا .. وذكر بعضهم أنه بني مدينة سبأ وسد مأرب.. وغزا الأقطار مثل بابل ففتحها وأخذ أتاوتها، وبني مدينة «عين شمس» باقليم مصر .. وقالوا أشياء أخري من هذا القبيل: وقد نشرت صورة كتابة، وردت كلمة «أرض سبأ» في نص سومري، ونص آخر يرجع إلي أحد ملوك «أور» ويرجع بتاريخه إلي حوالي 2500ق.م.

وحمير في عرف النسابين هو الابن الأكبر لسبأ، فلعل هذا الكبر هو الذي شفع له ان يكون الوارث لليمن، والحاكم علي قبائل قحطان وعدنان فيها، وقد ملك حمير بعد أبيه علي حد قولهم أكثر من مائة عام، وقد ورد اسم حمير عند «بطليموس» 121 ـ 151م، في مواضع عدة منها أحاديثه عن معد «معدو» التي كان يحكمها «مكرب» دعاه بشيخ «أبو كرب» .. كما ذكرها المؤرخ الروماني «بروكوبيوس» القيساري، وسماها حمير .. ولنضف مثلاً آخر يقدمه الدكتور عبدالعزيز صالح في كتابه «تاريخ شبه الحزيرة العربية في عصورها القديمة ـ إذ يقدم سلسلة من الأدلة من النصوص الآشورية التي ذكرت السبئيين وحكامهم في ثلاث مناسبات، فذكر نص للملك الآشوري «تيجلات بلاسر الثالث» في عام 738ق.م، انه تلقي جزي السبئيين من الذهب والإبل والتوابل، وأكد نص للملك «سرجون الثاني» لفي عام 714ق.م انه تلقي من «تي آمر» السبئي جزي من الذهب والأحجار الكريمة والتوابل والخيول .. ثم ذكر نص لولد ه الملك الآشوري «سنحريب» في عام 685 ق.م، انه حين احتفل بوضع حجر أساس مجد «أكيتو» استقبل مندوب عن الحاكم السبئي حمل إليه جزاه من المعادن الثمينة والأحجار الكريمة والطيوب.

ونعود ثانية إلي «حمير» الذي أنجب جملة من الأبناء .. كانوا هم أجداد قبائل حمير، وأشهرها «قضاعة» التي يرجع نسبها إلي قضاعة بن مالك بن عمرو بن زهرة بن مالك بن حمير .. ويذكر فضل عبدالله الجثام في كتابه «الحضور اليماني في تاريخ الشرق الأدني» ـ نقلا عن الهمداني: أن قبر قضاعة اكتشف في اليمن زمن الملك «عمرو ذي الأذعار الحميري» وفيه عمود مكتوب عليه بالمسند علي باب مغارة «هذا قبر قضاعة بن مالك بن حمير .. ملك ثلاثمائة عام ومات .. أدخل واعتبر، واخرج وازدحر» وفي داخل المغارة وجد فوق القبر لوح من الذهب مكتوب عليه بالمسند: «أنا قضاعة بن مالك بن حمير» وكانت أشهر بطون قضاعة: بلي وكلب وبهراء وبنو نهد وسعد هزيم وبنو مرة وتنوخه وجهينه، ويذكر أن محمد مرتضي الزبيدي في كتابه «تاج العروس» أن جهينه بالضم قبيلة من قضاعة، والجهنه بالضم جهمة الليل، وجارية جهانه بالضم أي شابه، وفي الجمهورة الجهن غلظ الوجه والجسم، وبه سمي جهينه.

ديار جهينه الأولي
كان الموطن الأصلي للشعب القحطاني بلاد اليمن، في الركن الجنوبي من جزيرة العرب، ولذلك عرفوا باسم عرب الجنوب، وكان قضاعة جد القضاعيين الأكبر علي رواية أهل الأخبار، مثل سائر أبناء سبأ مقيمًا في اليمن أرض آبائه وأجداده، والدكتور عبدالعزيز صالح قد أسهم بقسط وافر في هذا الموضوع، وله آراء تمتاز بالاحاطة والشمول .. منها رأي زكاة عدد من الباحثين مثل «شرادر وكبيرت وهارتمان ودلتش وفريتزهومل» ورأوا أن السبئيين عاشوا أصلا في شمال شبه الجزيرة العربية قرب منطقة الجوف الشمال، واستمروا فيها علي البداوة زمنًا طويلاً، ثم دفعتهم دوافع معينة إلي الاتجاه نحو جنوب شبه الجزيرة قبيل بداية القرن الثامن ق.م، بقليل حيث استقروا فيه، أما الرزي الآخر فقد ألمح إليه باحثون آخرون ونهم «موللر وجلاسر وفنكلر ومايروموزيل» ويرون فيه ان السبئيين عاشوا منذ بداية أمرهم في الجنوب العربي، ولكن جالية منهم اتجهت خلال القرن الثامن ق.م، أو قبله بقليل إلي الشمال، وأقامت قرب واحة «تيماء» ومنطقة «الحوف الشمالي» لترعي المصالح التجارية لقومها في شمال شبه الجزيرة وعلي طرق القوافل المتهجة منها إلي الهلال الخصيب.

وعلي أية حال، يذكر الدكتور محمود عرفة محمود في كتابه «العرب قبل الإسلام» أن سبأ كانت أرضًا خصبة من أغني أراضي اليمن وأثراها وأكثرها جنانًا وأفسحها مروجًا، وبها الأنهار والأزهار، وقد وصفت جنانها بأن الراكب والمار كانا يسيران في تلك البلاد من أولها إلي آخرها، لا تواجهه شمس لاستئثار أرضها بالعمارة الشجرية، وكان أهلها في عيش طيب ورغد كثير، فقد كانت المياه هي أكثر ما يرد إلي أرض سبأ، وأهم المنتجات الشعير والقمح والذرة، فكانت هذه البلاد مخزنًا عظيمًا للغلال.

فضلاً عن النخيل الذي كان يروي من ماء السيول، وأنواع الفاكهة المتنوعة .. والقرآن الكريم يصف تلك المنطقة بتلك الآية الكريمة: «لقد كان لسبأ في مسكنهم آية، جنتان عن يمين وعن شمال، كلوا من رزق ربكم واشكروا له، بلدة طيبة ورب غفور».

ولم يكن لقضاغة أن يترك تلك الجنة، لولا أن مشاجرة نشبت بينه وبين وائل بن حمير فآثر الهجرة إلي «الشحر» وهي بلاد بين اليمن وعمان .. وأقام في هذه الأرض مع أبنائه وصار ملكًا عليها إلي أن توفي فيها، فقبره هناك، وصار الملك لابنه الحاف «الحافي» وهو في زغم الاخباريين والد ثلاثة أولاد: عمرو وعمران وأسلم، ومن نسل هؤلاء تفرعت قبائل قضاعة، فمن نسل أسلم: جهينه وسعد هزيم ونهد.

الهجرة إلي نجد والحجاز
يذكر البكري في كتابه «معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواقع» ان نزار بن معد اجتمعت علي قضاعة فاقتتلوا، فقهرت قضاعة وأجلوا عن منازلهم وظعنوا منجدين «زي إلي نجد'» وكان أول من طلع من قضاعة إلي أرض نجد فأصحر في صحرائها جهينه ونهد وسعد هزيم، فأقاموا بها زمانًا حتي كثروا، ويذكر الدكتور محمد علي مختار في كتابه «دراسات في تاريخ العرب» ان مما قيل عن القبائل اليمنية، حين كانت تخرج من اليمن متجهة إلي نجد والحجاز مثلا، انها كانت تخرج ومعها ملوكها، فنحن نري منذ البداية قبائل اليمن ليست كقبائل عرب الشمال مجرد «بدو» بل هي حتي حين قدر لها أن تترك أرضها باليمن، تخرج ومعا شيء من حضارة تلك البلاد وتقاليدها، مما كان له حتمًا أثر في عرب الشمال أو العدنانية وفي نشر نفوذ اليمن الحضاري، وهذا النسق من الأفكار يشبه عن قرب ما ذكره الدكتور عبدالعزيز صالح في سياق ما أوردناه عن ديار جهينه الأولي .. أما نجد فهي هضبة عالية تقع وسط جزيرة العرب بين الحجاز غربا والاحساء والبحرين وقطر شرقًا .. وصحراء الشام شمالا، وصحراء الاحقاف والدهناء جنوبا .. وتبلغ مساحتها أكثر من عشرة آلاف ميل مربع، وتتكون من سلسلة هضاب تحيط بها مناطق واقعة في سفوح جبل شمر شمالا وجبل طيق جنوبا وجبال الحجاز غربا، وعلي الرغم من كونها هضبة صخرية فإن فيها كثيرا من البقاع الخصبة التي تنتج الحبوب كالقمح والشعير والذرة .. وفي هذه الهضبة بعض الأودية ومسايل المياه .. وكثير من التلال التي تعلو الأرض ببضع عشرات من الأمتار .. وأعلي بقاعها هي منطقة نجد الغربية المحاذية للحجاز.

وجاء في أقوال بعض الاخباريين ومنهم البكري إن جهينه اقامت بصحاري نجد وقتًا من الزمن إلي أن نشب الخلاف بين بعض بطونها، أو بينها وبين بعض بطون قضاعة .. ولا نعرف من أخباره إلا الندر اليسير، واضطرت جهينه إلي الانتقال شرقا في الأودية والجبال، ولا نستطيع أن نحدد المدة التي مكثتها جهينه في تلك المنطقة، ولا نكاد نعرف من أخبارها شيئًا، عدا سبب رحيلها إلي الساحل الغربي وأوديته بالحجاز، وهو أن قتالاً نشب هناك حين وثب «خزيمة بن نهد» وكان شرسًا مشؤوما جبارًا علي «الحارث وعرابة» ابني «سعد بن زيد» فقتلهما، وعلي إثر تلك الحادثة رحلت جهينه إلي الحجاز وسكنت مساكنها التي ماتزال فيها، وكان يسكنها حين انتقال جهينه إليها بقايا من قبيلة «جذام» فأجلتها جهينه ونزلت تلك البلاد، وينقل البكري عن ابن الكلبي قوله: «وتلاحقت قبائلهم وفضائلهم، فأصبحت نحوًا من عشرة بطون، وتفرقت جهينه في تلك البلاد وهي الأشعر والأجرد «جبلان بين المدينة والشام» وقدس وآراه «أحد جبال تهامة» ورضوي الذي يقول عنه الدكتور عبدالوهاب عزام انه جبل بين المدينة وينبع، وهو جبل منيف ذو شعاب وأودية، وفي شعابه مياها كثيرة وأشجار، وقد ضربت العرب رضوي مثلا للعزة والرسوخ، وصندد .. وانتشروا في أوديتها وشعابهاوأعراضها، وفيها النخيل والزيتون والبان والياسمين والعسل وأنواع الأشجار الأخري، وأسهلوا في بطن وادي «أضم» أعظم أودية الحجاز الذي يسيل من حرة «خيبر» جنوبها الشرقي، ويسير نحو الجنوب الغربي حتي يقارب المدينة، ثم يدور صوب الشمال والغرب .. ثم يستقيم مغربا حتي ينضب في البحر الأحمر، ويسمي الآن وادي الحمص، مضافا إلي ذلك ذو خشب وتتيد والحاضرةوتعقباء والمصلي وبدر وودان وينبح والحوراء، وربما هذه ميناء قديم بالقرب من ميناء ينبح، وموضتعه أقرب إلي ميناء أملج، ووادي فوي ويحال ولظي «في جهة خيبر» وأديم «أرض بين تهامة واليمن» وبواط «قرب ينبح » والحصير والصفراء، وهو واد كثير المخل الزرع والخير في طريق الحاج، سلكه الرسول غير مرة، وبينه وبين بدر مرحلة وهو فوق ينبح مما يلي المدينة، وماؤه يجري إلي ينبح، كما نزلوا ما قبل الروحاء والرويثة، ثم استطالوا علي الساحل وامتدوا في التهائم وغيرها حتي لقوا قبيلة بلي وجذام بناحية حقل من ساحل تيمياء، وماتزال جهينه في تلك البلاد حتي بزوغ فجر الإسلام وهجرة الرسول إلي المدينة.

حياة جهينه الدينية
حفلت شبه جزيرة العرب في الفترة الأخيرة من عصر ما قبل الإسلام بالعديد من العقائد والملل السماوية منها وغير السماوية، لتصب في عقل الجاهلية الجماعي، قادمة من أطراف شبه الجزيرة مع التجار والمهاجرين، فمن العراق أتت الصابئة مع أتباعها من عباد الكواكب والملائكة، الزاعمين انهم علي دين نوح من درب حفيده «صابئ بن شيت» ومع المبشرين والهاربين جاءت المسيحية بفروعها المختلفة من يعقوبية ونسطورية وديصانية، فدانت بدينها طائفة ومنهم قضاعة، أما اليهودية فليس في أيدينا ما يفيد أن أحدًا من جهينه قد تأثر بها.

أما عبادة الاصنام التي انتشرت حول الكعبة، فتعود إلي أحد أحفاد إسماعيل بن ابراهيم وهو «عمرو بن لحي الخزاعي» الذي أتي بعد رحلة من الشام بصنم من العقيق الأحمر يدعي «هبل» وأخذ يعلم الناس ان صنمه هذا شفيع من الله، وسارت القبائل بعد ذلك علي سيرته، فكانت كل منها تنحت للآلهة الصورة التي تراها لتضعها في فناء الكعبة، وبالنتيجة تأثر أهل الجزيرة بهذا التعدد الديني، إلا أن الوثنية كانت عامة في بلاد العرب، فقد تطورت عبادة قوي الطبيعة عند العرب قبل الإسلام وصارت عبادة الاصنام تمثلها، فبعد ان اتخذوها صورًا ورموزًا للقوي الخفية التي تؤثر في حياتهم، عبدوها علي صورتها المادية، وبعد مضي زمن طويل تحولت فيه الرموز إلي صور تعبد من دون الله، وصار الأساس في اعتقادهم أن الله قد جعل من أوليائهم آلهة، ومنحهم فيضًا من قدراته علي شفاء الناس، والتوفيق في الزواج والذرية الصالحة، وإبعاد الشر وجلب السعادة .. وهي مالا يمكن ان يناله الإنسان إلا بإرضاء الآلهة التي يعبدونها وتقديم القرابين لهم، حتي تقربهم إلي الله زلفي.

ويؤثر عن أسلاف جهينه، أنهم عبدوا الإله «ود» وقد وجد في النصوص كتابات مثل: «أموت علي دين ود» وأيضًا «يا إلهي ود احفظ لي ديني وأيده» وكان الاسم «ود» من أسماء الاصنام التي أوردها القرآن الكريم ـ وذهب البعض ومنهم الدكتور شوفي عبدالحكيم في كتابه «أساطير وفولكلور العالم العربي» استنادًا إلي لفظة «ود» العربية التي مازالت متواترة بمعني «المودة أو التودد» إلي أن هذا المعبود الذي هو القمر، يعني الود والتحية .. كما ورد صراحة في أشعار النابغة الزبياني: «حياك ود» ولنا أن نقول كذلك إن الإله ود هو الإله «المقة» ومن هذا الاسم جاءت تسمية مكة.

ينبغي أن نضيف إلي ما سبق، انه قد عرف بالتحديد في ممالك سبأ، وكذلك عرف بنفس اسمه لسومري في الألف الرابع ق.م «سين» عند الحضرموتيين، وكان هذا الإله القمري «سين» ابن الإلهة «عشترت» في كتابات المسند الحضرموتية وكان تمثالا لفارس محارب.

وهذا النسق يشبه عن قرب ما أورده الدكتور عبدالعزيز صالح من أنه أنشأ معبد العاصمة السبئية «صراوح» الكبير لمعبود دولتها الأكبر الذي أطلق عليه اسم «المقة» ربما الإلة المقتدر أو الآمر أو الإله لبهي أو الجميل، وتأكيدًا لقداسة أصلهم تلقب حكام سبأ بلقب «ولد المقة» أي أبناؤه، وخص السبئيون معبودهم الأكبر هذا بربوبية القمر واعتبروه «سيد وعول صرواح» بما يعني تعدد المعبودات فيها إلي جانبه ورئاسته لهم، وقدسوا معه في معبد العاصمة ربة باسم «حريمت» ربما كزوجة له، وهي ترمز في أغلب الظن إلي ربوبية الشمس، وهكذا توفرت للقمر عندهم وعند بقية عرب شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام منزلة أكبر من منزلة الشمس، علي عكس شعوب الهلال الخصيب الزراعية، ربما لانتفاع أهل شبه الجزيرة بالقمر في مسري القوافل وتوقيت الهور، مع شدة هجير الشمس وقسوتها لاسيما في البيئات الصحراوية.

ويقول «الكبي» في كتابه «الأصنام» عن المقة أو «ود»: «تمثلا كأعظم ما يكون من الرجال، عليه نقش وحلتان متزر بواحدة ومرتد بأخري، عليه سيف، قد تنكب قوسًا، وبين يديه حربة بها لواء وجعبة فيها نبل، وقد بقي «ود» قائمًا في مكانه إلي أن بعث رسول الله «خالد بن الوليد» إلي دومة الجندل، فهدم الصنم وكسره.
أما «نسر» حسب ما ذكره الدكتور محمود عرفة محمود فقد كان موضعه بلخع من أرض سبأ، وكان علي هيئة الطائر المسمي باسمه، ولم تقتصر عبادته علي العرب الجنوبيين، بل انتشرت عبدته في شمال الجزيرة العربية، فقد وجدت تماثيل علي صورة نسر منحوتة علي الصخور خاصة في أعالي الحجاز.

كما عبدت بعض قبائل قضاعة الإلهة «مناه» ويذكر «الكلبي» أن صنمها كان منصوبًا علي ساحل البحر الأحمر، وبين مكة والمدينة، كما كان معبودًا لقبائل «الأوس والخزرج» من أهل يثرب «المدينة»، ويضيف أن العرب كانوا يعظمون الإلهة مناه ويذبحون لصنمها، كما أنهم تسموا باسمه .. و«العبعب» هو صنم كان لقضاعة ومن داناهم، وعبدت قضاعة «الأقيصر» وكانوا يحجون إليه ويحلقون رؤوسهم عنده، وورد ذكره في كثير من أشعارهم، ولقد كانت جهينه جزءًا من مجمع الحجاز، لذلك ارتبطت بما ارتبط به العرب في شبه الجزيرة، فكانت تشارك في حج البيت الحرام في الكعبة، وتساهم في حماية الأشهر الحرم، وقال «اليعقوبي» كانت تلبية قضاعة في الجاهلية إذا حجت: «لبيك عن قضاعة، لربها دفاعه، سمعًا له وطاعة».

وينبثق عن هذا الموضوع ويتفرع عنه، ما يعرف عند العرب بالكهانة، التي اشتهر بها العرب جميعًا قبل الإسلام، وقد كان للكهان علي ما يتبين من قصص الاخباريين، أثر كبير في حياة العرب قبل الاسلام، واشتهرت بها جهينه علي وجه الخصوص، بدليل الآية الكريمة التي نزلت في حق يهودي اختصم مع مسلم، فكان المسلم أو المنافق يريد الاحتكام لي الكاهن، وكان اليهودي يدعو إلي النبي أو المسلمين، لاتهم لا يقبلون الرشوة، فاصطلحا أن يتحاكما إلي كاهن من جهينه، فنزل الوحي بتوبيخ ذلك المنافق، وقد أشار بعض الاخباريين إلي كاهن ظهر في جهينه عرب بحارثة جهينه .. كان من أكهن العرب وأسجعهم.

وتبين مما يرويه الاخباريون انه كان هناك طائفة من العرب أحجمت عن الوثنية والصابئة والمجوسية وغيرها من الديانات غير السماوية التي انتشرت في بلاد العرب، واتخذت من عقيدة ابراهيم الخليلي دينًا لها، وهو الدين الذي يدعو إلي عبادة الله الواحد الأحد، وقد عرف هؤلاء بالأحناف لقوله تعالي: «حنفاء لله غير مشركين به» وهم الذين تجنبوا الناس، وطاف بعضهم في الأرض بحثًا عن دين ابراهيم الحنيف، وكانوا يقضون أيامهم ولياليهم في تأمل الكون الذي يعيشون فيه، وقد تجنبوا فعل المنكرات، وكانوا يعظمون الأشهر الحرم، ولا يحضرون الذمة ولا يظلمون فيها.
وهناك إشارات تحملها النصوص والروايات العربية إلي انتشار الحنفية بين أبناء جهينه، ويذكر محمود شكري الألوسي في كتابه «بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب» ان ممن اشتهر منهم عمير بن جندب الجهني .. وكان هذا الرجل ممن يوحد الله تعالي في الزمن الجاهلي ولا يشرك بربه أحد، .. وله قصة عجيبة ذكرها صاحب القاموس فقال: «روينا عن إسماعيل بن أبي خالد قال: مات عمير بن جندب من جهينه قبيل الإسلام فجهزوه بجهازه، إذا كشف القناع عن رأسه فقال أين الفصل «أحد بن عمه» قالوا سبحان الله مر آنفًا فما حاجتك إليه، فقال أتيت فقيل لي لأمك الهبل، ألا تري حفرت تنتشل، وقد كادت أمك تثكل .. أرأيت ان حولناك إلي محول، ثم غيب في حفرتك الفصل، الذي مشي فاحزأل، ثم ملأناها من الجندل، أتعبد ربك وتصل وتترك سبيل من أشرك وأضل، فقلت نعم .. قال فأفاق ونكح النساء وولد له أولاد، ولبث الفصل ثلاثًا ثم مات ودفن في قبر عمير» .. وتبقي معلوماتنا التاريخية الموثقة عن هذا الموضوع قليلة ومبعثرة، وما توفر لدينا من شذرات عنه، يستفاد منها أن عميرًآ الجهني كان موحدًا، ولم يشرك بربه أحدًا، وكان شعلة من الحماس الديني المعادي للوثنية، وقد اعتزل الوثنية وحرم الميتة والدم والذبائح علي الأوثان، ونهي عن دفن البنات وهن أحياء .. وهكذا كان هذا الحنيف الجهني مثال رجل الدين والفكر المناضل بين ظلمات الجاهلية الوثنية، وقد مات قبل الإسلام، وكان المسلمون يفتخرون باطلاق الحنيفية عليهم، ويرون أن الحنفاء هم سلف المسلمين، وأن إبراهيم كان حنيفًا، وكان أول المسلمين.

حياة جهينه الاجتماعية
أما حياة جهينه الاجتماعية .. فقد طبعت بالسمات ذاتها التي طبعت بها القبائل العربية الأخري، وأبرز هذه السمات هي روح العصبية القبلية، والعادات والتقاليد المتبعة عند القبائل الأخري، لذا اتسمت العادات التأثرية عندهم بالعنف، فالدم لا يغسله إلا الدم، فأصبح الشرف معلقًا بالثأر إلا إذا قبل أهله الدية، وعلي الرغم من الوحدة الظاهرية للقبيلة في صلاتها الاجتماعية فيما بينها وبين القبائل الأخري، فقد كانت هناك تناقضات في الكيان الاجتماعي للقبيلة، ومن هذه التناقضات التقارب الاجتماعي بين أفراد الطبقة الواحدة من أجل الحصول علي مركز القيادة أو الزعامة التي سوف تمنح أصحابها الحقوق والامتيازات، وتفرض مطالبه، علي الأخري، وذلك يعود إلي حياة جهينه الاقتصادية، التي لعبت دورًا مهمًا في رفع مستوي أفرادها المعيشي، لا سيما أن هذه العادة ظهرت نتيحة الفقر المدقع الذي استمت به حياة تلك القبائل التي مارست هذه العادة اللاإنسانية.

هذا من ناحية .. ومن الناحية الأخري، فقد كان الحكم والشاعر والكاهن، من الشخصيات المؤثرة في مجتمع الحجاز، فالحكم من الرجال الأشداء الشرفاء .. يختارونه من بينهم بالتراضي، ليحكم بينهم بالتراضي في أمور الديات والمغارم والمنافرات الخاصة بالشرف، وهم لذلك يقبلون أحكامه، ولابد أن يكون قد ظهر من أبناء جهينه في العصر الجاهلي الكثير من الحكام . بخلت علينا مصادر التاريخ بأخبارهم، أما الشاعر، فقد كان لسان قبيلته المتكلم، وصحيفتها الناطقة والمدافعة عنها .. وممثلها في الأسواق والمؤتمرات الأدبية .. لذا كان له دور خطير في المجتمع العربي بعامة، سواء في وقت السلم أم الحرب.

وقد نقل فؤاد سزكين في كتابه «تاريخ التراث العربي» عن الحسن بن بشر الآمدي عناوين ستين ديوانًا من دواوين القبائل في العصر الجاهلي، منها ديوان أو كتاب جهينه، وقد ذكر عبدالكريم الخطيب في كتابه «شعراء ينبع وجهينه» من هؤلاء الشعراء عبدالشارق بن عبدالعزي الجهني .. أورد له «أبو تمام» قصيدة له في ديوانه «الحماسة» وأيضًا الشاعر هلال بن سدوس الجهني، وحسبنا ما ذكرناه منهم علي سبيل الاستشهاد لا الحصر.
أما الكاهن، فقد كان يعتمد علي تسخير الإله حينما يعرض عليه الناس، وقد أسلفنا دور جهينه في هذا المقام، ويجب ان نضيف إلي لائحة حياة جهينه الاجتماعية الاعتقاد بالجن، الذي عرف في بعض نواحي بلاد العرب قبل الإسلام، وكان معتقدوها يزعمون أن المواضع التي تصيبها الكوارث تكون بعد هلاكها مواطن للجن، وأن الجن تختار الأماكن الموحشة المقفرة البعيدة عن الناس، وعلي الرغم من كون الجن أرواحًا غير منظورة، فإنهم اعتقدوا بإمكان رؤيتها ومخاطبتها، وتتمثل عندهم في الغالب بأشكال حيوانات ذات شعر كثيف، وقد تصور المؤمنون بالجن أن الحيات هي بنات الجن، وأنها إحدي عشائرها المهمة، وذهبت مخيلتهم إلي أبعد من ذلك، فجعلوا بينها وبين الله نسبًا، وليس أدل علي اشتهار جهينه بالاعتقاد بالجن، مما ذكره الدكتور جواد علي في كتابه «المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام» .. ان العرب ضربوا المثل بحديث «خرافة» وزعموا أن رجلاً من جهينه سبته الجن، وطالت معاشرته لهم، فإذا استرقوا السمع أخبروه بما تحصل لديهم، فيخبر أهل الأرض فيجدونه كما قال .. وقيل استهوته الجن واختطفته ثم رجع إلي قومه .. فكان يحدث بما رأي ويعجب منها الناس فكذبوه .. فجري علي ألسنة الناس وقالوا هذه خرافة، ويقال أيضًا للخرافات الموضوعة من حديث الليل حديث خرافة.

وإذا نحن تركنا الجن، وتابعنا رحلتنا في حياة جهينه الاجتماعية، فلابد أن نتوقف عند «الفأل والطيرة» فقد آمن بهما الجهنيون شأنهم شأن قبائل العرب الأخري، تطيروا بقرائة أحشاء الحيوانات وبخاصة الكبد، واشتهر عندهم التطير بالمرأة، كانوا في اعتقادهم يتغلبون علي شؤم المرأة وعتبة الدار بالذبائح، وكانوا يتشاءمون أيضًا من بعض الطيور والحيوانات ومن أهمها البوم والغراب والحيوانات ذات العاهات .. وكانوا يتطيرون من الثور مكسور القرن والحية والثعلب .. ومن ناحية أخري كانوا يتفاءلون بالهدهد، فهو عندهم آية اليمن وسبيل الهداية .. وبإجمال، كانوا يعتقدون أن الطيرة والفأل مكتوبان علي الإنسان، وأن حياته ومصيره مقرران.
وبالرغم من أن النبي قد نهي عن التطير بقوله: «أقروا الطير علي مكناتها، ولا تطيروها ولا تزجروها» .. إلا أن الطيرة ظلت سائدة بعد الإسلام، وماتزال حتي يومنا هذا، فقد حكي أن عمر بن الخطاب خرج إلي حرة فلقي رجلاً من جهينه فقال له: ما اسمك، قال شهاب، قال ابن من، قال ابن جموة .. قال وممن أنت، قال من الحرقة .. قال ثم ممن، قال من بني ضرام .. قال وأين منزلك، قال بحرة ليلي .. قال وأين تريد، قال لظي «وهو موضح» فقال عمر إدرك أهلك فما أراك تدركهم إلا وقد احترقوا .. قال فأدركهم وقد أحاطت بهم النار».

وقد ينبغي أن نضيف إلي ما سبق، ما أطلعنا عليه الدكتور شكري فيصل في كتابه «المجتمعات الإسلامية في القرن الأول الهجري» استنادًا إلي المسعودي في الفصل الذي عقده عن التاريخ عند العرب والحوادث التي كانوا يؤرخون بها في كتابه «التنبيه والإشراف» علي حركة مستمرة متلاحقة تطبع الحياة العربية، وتدل علي ما كان من نشاطها الحيوي وصلاتها الدائبة فيقول: تنقل أبناء إسماعيل وأرخ بنو إسماعيل من بناء البيت، حين بناه إبراهيم وإسماعيل، فمازالوا يؤرخون بذلك حتي تفرقت معد، وكان كلما خرج قوم من تهامة أرخوا خروجهم، ومن بقي بتهامة من بني إسماعيل يؤرخون بخروج آخر من خرج منهم من قضاعة وهم: سعد ونهد وجهينه، حتي مات كعب بن لؤي فأرخوا من موته إلي عام الفيل.

وثمة ملمح مشترك تتقاسمه غاليبة القبائل العربية في شبه الجزيرة العربية في العصر الجاهلي، وذلك هو «أحوال الأسرة» وسدي هذا الملمح ولمحته، أن الزواج الذي كان سائدًا يومئذ، هو ذلك النوع الطبيعي الذي يتماشي مع الحاجات الاجتماعية الأساسية للإنسان والسلوك الفطري له، وقد أقره الإسلام بعد أن قام بتهذيبه ووضع الضوابط التي تحكمه.

وأقرب الاحتمالات في ظننا أن تقول بأن المرأة الجهينية قد كانت أبية تحب الفروسية، وتفتخر بأمجاد البطولة في الحروب، تثير الحماسة وتلهب الحمية، وقد اشتهرت منهن سعدي بنت الشمردل الجهينية» الشاعرة الجاهلية التي اشتهرت بقصيدة في رثاء أخ لها قتله بنو بهز من سليم بن منصور .. وهي الزوجة الفاضلة، والأم صانعة الأبطال، لا ترضي عن ترك عشيرتها وبيت أبيها إلا للارتباط بالفارس الكامل، لقد كانت شجاعة باسلة تتبع رجال القبيلة إلي ميادين القتال تضمد الجراح وتحمل الماء لتسقي المحاربين، وقد شاركت الرجل نكبات الدهر، وتحملت مسؤليتها نحو بيتها وأساتها، فكانت المرأة الحرة تقوم ببعض الأعمال قضاء للواحب ودفاعًا للملل، ومن أشهر أعمالهن غزل أصواف الغنم وأوبار الإبل، وقد وجدن في ذلك منفعة للأسرة وأداة لهوهن، أما رجال القبيلة، فقد اشتهر عنهم في عهودهم الجالية، المروءة وعلو الهمة والوفاء بالعهود، والشجاعة والفروسية والكرم منقطع النظير، فلم تكن خصلة عندهم تفوق الكرم وإغاثة البائس الفقير، كما اشتهروا بالحلم وهو الصفح عند المقدرة، كما اتصفوا بالتسامي عن الدنايا والنقائض، والعفة والوفاء بالعهود وكراهة الغدر، وقد ارتفعوا في الوفاء بالعهد إلي قدسية الدين.

أما عن علاقة جهينه السياسية بقبائل الحجاز، فمن الحقائق المتواترة ان العلاقة بين جهينه وقريش كانت قد توثقت بقيام تعاون سياسي بينهما في العصر الجاهلي الأخير، نتيحة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، واستمر التعاون بينهما قائمًا، لذلك بقيت علي الحياد في الصراع الذي دار بعد الهجرة بين مكة والمدينة، بيد أن جهينه كما يذكر الدكتور عبدالرحمن الطيب الأنصاري في كتابه «الجزيرة العربية في عصر الخلفاء الراشدين» قد وادعت النبي ثم تحولت إلي الإسلام بعد غزوة الأحزاب، ويحدثنا المؤرخون أيضًا أن جهينه كانت حليفة للخزرج من أهل المدينة قبل الإسلام، وحاربت معهم ضد الأوس وحلفائهم يوم «بعاث» وهو موضع من نواحي المدينة، كانت به وقائع كثيرة بين الأوس والخزرج في الجاهلية.

حياة جهينه الاقتصادية
كانت جهينه قبل بزوغ فجر الإسلام تنقسم إلي بدو وحضر، والحضر أقاموا في عدة مناطق منها ينبع وقرية الصفراء، والبدو أقاموا في رضوي وغرور «أسماء جبال في تهامة» وغيرها، وهناك اشارات تحملها النصوص والروايات العربية، تشير إلي أن وسائل معيشة الجهنيين، كانت تتفق وطبيعة البادية، فكانوا يقومون في حياتهم علي رعي الإبل والأغنام، والانتقال بها وراء الكلأ والماء، والاستكانة بالنهار والسير بالليل علي هدي النجوم، التي كانوا يرقبونها ويطلقون عليها أسماء مختلفة منذ الزمن البعيد، وكان الإبل هو الحيوان العزيز الذي اتخذه الإنسان في مثل هذه البيئة، فيأكل لحمه ويشرب لبنه، ويصنع من شعره مسكنه وأثاثه ومتاعه وملابسه .. وكذلك كانت جهينه تستخدم الجياد واشتهرت بتربيتها، ويذهب المؤرخون ومنهم «النويري» في كتابه «نهاية الأرب في فنون الأدب» وعبدالرحمن زكي في كتابه «الخيل في السلم والحرب عند العرب» ان من أسماء خيول رسول الله «صلي الله عليه وسلم» واحدة باسم «السبحة» وكانت فرسًا شقراء ابتاعها النبي من أعرابي من جهينه بعشر من الإبل .. وسابق عليها يوم خميس، ومد الحبل بيده ثم خلي عنها وسبح عليها، فأقبلت الشقراء حتي أخذ صاحبها العالم، وهي تنير في وجوه الخيل، فسميت سبحة من قولهم فرس سابح إذا كان حسن مد اليدين في الجري.

وكان الجهني إلي جانب الرعي، استنادًا إلي الدكتور عبدالمنعم ماجد في كتابه «التاريخ السياسي للدولة العربية» يعيش علي حماية التجارة التي تمر بصحرائه، ومن أمثلة ذلك ان سوق الحيرة كانت تقع شمال الكوفة، وكانت مسكنًا لتجارة العرب، تخرج منها قوافل الفرس إلي عكاظ، كما ترد إليها قوافل قريش .. وهي ملتقي بضائع الشرق من الهند والسند القادمة من عمان إلي بلاد الشام، وكانت حراستها لقبائل قضاعة وتجارتها وافرة، كما كان الجهنيون يقومون بالدلالة لهذه القبائل، ونستطيع أن نستطرد إلي جوانب أخري، ومنها أن حياة الصحراء الشاقة، كثيرًا ما كانت تدفع الجهنيين إلي الغزو أو الإغارة علي الوديان أو الاعتداء علي القوافل .. وهذا النسق يشبه عن قرب ما ذكره الدكتور عبدالعزيز صالح في سياق حديثه عن ديار قضاعة الأولي في القرن الثامن ق.م، عندما أقامت قرب واحة تيماء ومنطقة الجوف الشمالي .. لترعي المصالح التجارية لقومها في شمال شبه الجزيرة، وعلي طرق القوافل المتجهة منها إلي الهلال الخصيب.

ولابد أن بعض أفراد جهينه قد مارسوا الزراعة، وقد هيأ لهم ذلك توطنهم في مناطق اشتهرت بخصبها وزروعها وأشجارها، كالتمور الجيدة والحبوب، وكان أكل الجهني شأنه شأن سائر عرب الجزيرة العربية، ما يتناسب مع بيئته مثل التمر واللبن، ومن كان غنيًا منهم يستخرج الخمر االمصنوع من التمر، بيد أن المجاعة وانقطاع المطر، كانت تهدد العربي وأسرته في كل وقت، بحيث إنها كانت تدفعه أحيانًا إلي أكل نحاتة قرون الخروف وأظلافها، وأن يفتح عرقًا في جمل ليشرب دمه، وأحيانًا أخري إذا زاد الجوع ربط حجرًا علي بطنه.
ويبدو أن بعض أفراد جهينه من أهل الحضر قد اشتغلوا بالصناعة، ومعلوماتنا في هذا الصدد مستمدة من «الأب لويس شيخو» في كتابه «النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية» إذ يذكر أن أكثر ما نري صناعة النسيج والحياكة في بلاد قضاعة، وكانوا يبيعون بعضها من أقباط مصر .. فقد قال الثعالبي في كتابه «لطائف المعارف» أن أبناء اليمن كانوا يعيرون بالحياكة، وكان المثل يضرب برباط اليمن وببرود اليمن، وربما كانوا يخططونها، وكانوا يعملون الرحال وينقشونها ويحسنون صنعها، ومن منسوجاتهم أيضًا الطنافس العقبرية التي كان ينصعها بنو قضاعة.
ومما لا يجوز أن يغفل في هذا المقام .. استغلال أفراد جهينه موارد أوطانهم من الثروة المعدنية كالحديد والذهب والفضة .. فامتلكوا بعض المناجم واستغلوها أحسن استغلال .. وكان يهود يثرب يبتاعون منهم موارد خامات مناجمهم .. ويستخدمونها في صناعة الحلي والسلاح.

لماذا عند جهينه الخبر اليقين
إذا كان أشهر ما اشتهر به العرب قبل الإسلام هو شعرهم .. فإن أمثالهم كانت بمثابة المرآة التي تعكس حياتهم الاجتماعية والاقتصادية، ومن أشهر تلك الأمثال التي ذاعت قبل الإسلام وماتزال سارية حتي يومنا هذا مثل: «عند جهينه الخبر اليقين» .. وحكاية هذا المثل أن رجلاً يدعي حصين بن عمرو بن كلاب خرج يطلب فرصة له، فاجتمع برجل من جهينه يقال له «الأخنس» فنزلا في بعض منازلهما، وتعاقدا أن لا يلقيا أحدًا إلا سلباه وكلاهما فاتك، فلقيا رجلاً فسلباه كل ما معه فقال لهما: هل لكما أن تردا عليَّ بعض ما أخذتاه مني وأدلكما علي مغنم .. فقالا نعم، فقال لهما هذا لخمي قدم من بعض الملوك بمغنم كثير وهو خلفي بموضع كذا، فقبلا منه وردا عليه بعض ماله، ثم طلبا اللخمي فوجداه نازلاً في ظل شجرة وأمامه طعامه وشرابه فحيياه وحياهما وعرض عليهما الطعام، فنزلا وأكلا وشربا معه «أي مع اللخمي» ثم إن الأخنس ذهب لبعض شأنه، فاغتنم حصين غياب صاحبه فقام وضرب اللخمي بسيفه، فلما رجع الأخنس وجد سيف صاحبه مسلولاً، ووجد اللخمي يتشحط في دمه، فسل سيفه وقال لحصين ويحك قتلت رجلاً تحرمنا بطعامه وشرابه، فقال حصين اقعد يا أخا جهينه، فلهذا وشبهه خرجنا، ثم إن الأخنس الجهني شغل صاحبه بشيء ثم وثب عليه فقتله وأخذ متاعه ومتاع اللخمي، ثم انصرف إلي قومه راجعًا بماله، فمر ببطنين من قيس يقال لهما سمراج وأنمار» وإذا بامرأة تنشد الحصين في المواسم وتسأل عنه، فلا تجد من يخبرها بخبره .. فقال الأخنس حين أبصرها .. من أنت، قالت أنا صخرة امرأة الحصين الطفاني «ويقال إنها كانت أخته» فمضي وهو يقول:
وكم ضغيم ورد هموس
أبي شبلين مسكنه العرين
علوت بياض مفرقه بعضب
فأضحي في الفلاة له سكون
وأضحت عرسه ولها عليه
بعيد هُدوٍّ ليلتها رنين
كصخرة إذ تساءل في مراج
وأنمار وعلمها ظنون
تساءل عن حصين كل ركب
وعند جهينه الخبر اليقين

وثمة رأي آخر في المثل أورده القلقشندي في كتابه «قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان» عن الحمداني ومفاده ان جهينه كان يخدم ملكًا يمنيًا، وكان له وزير اسم «نجيدة» إذا غاب الملك خلفه علي محظية له، فتبعه جهينه يومًا من غير أن يشعر به، واختبأ حتي جلس الوزير في مجلس الملك، ولبس ثيابه وعليه السكر فغني:
إذا غاب المليك خلوت ليلي
أضاجع خودة ليلي الطويلا
فقام جهينه فقتل الوزير ودفن رأسه تحت وسادة الملك، فلما حضر الملك فقد الوزير فسأل عنه فلم يقف له علي خبر، حتي سكر جهينه ليلة عنده فأنشده:
تساءل عن نجيدة كل ركب
وعند جهنية الخبر اليقين
فسأله الملك فأخبره الخبر، فقر به وأحسن جزاءه، وقيل أمرَّه علي بلاد كثيرة.
وهكذا يمكننا أن نخلص إلي أنه إذا كان التاريخ القديم البعيد لجهينه، لم يكتب ولم يدون بعد، بسبب نقص الدراسات والبحوث الطبيعية والأثرية التي تعتبر المصدر الصحيح الوحيد لما يمكن ان يحمد عليه هذا التاريخ، فإن المجهودات الأولية من هذه الدراسات علي قلتها، تثبت بما لا يدع مجالاً للشك عراقة تاريخ هذه القبيلة .. وصحة الكثير مما جاء عن جذورها علي ألسنة النسابين والمؤرخين وعلماء الآثار.

فيصل صالح الخيري
رئيس مركز التراث الفلسطيني


تابعوا معنا تاريخ قبيلة جهينة على مدار 12 حلقة

جواهر ... بنت السودان

جواهر .. بنت السودان
أسعد أوقاتي أقضيها في الحسين والسيدة
أحب أم كلثوم .. وشيرين غنت لي جرح تاني
الينولوك سر تميزي .. وتسريحة شعري استايل خاص بي وحدي!!
ولاء صفوت
كل شيء فيها يجنن .. لون بشرتها .. تسريحة شعرها .. خفة دمها .. وفوق ده كله وكله سر حمادة المدفون في قلبها .. هي جواهر بنت السودان المهووسة بقعدات الحسين والسيد زينب والسيدة نفيسة!!
الفنانة جواهر أين ولدت وما هي ذكرياتها مع هذا المكان وأيهما تفضلين الآن؟
أنا ولدت في السودان في مدينة «بورسودان» شرق السودان .. ذكرياتي دائمًا مرتبطة بالبحر ومرتبطة بالفن والغناء وكنت أغني في الخامسة من عمري برغم رفض عائلتي للغناء لأن عائلتي متدينة جدًا .. لكني كنت أغني من ورائهم.

ذكرياتي دائمًا أيضًا مرتبطة بالبحر لأنني أحب السباحة جدًا .. وكنت مشتركة في فريق الكشافة ودائمًا أحصل علي المركز الأول في الكشافة .. وأيضًا كنت أنظم الحفلات المدرسية وكنت مسئولة عن فريق الفنون الشعبية ومعظم الحفلات المدرسية.

بالطبع ذكريات الطفولة عند أي إنسان ذكريات جميلة جدًا وأتمني أن أرجع لها مرة ثانية .. الآن أعيش حياة مستقرة مع زوجي وابني محمد
في بداية المشوار هل هناك صعوبات واجهتك؟
رفض أخي للغناء تمامًا ولكني استطعت أن اتغلب عليه.
هل توجد مقاييس لنجاح الأغنية التي تغنيها .. وكيف تجعلين الأغنية ثابتة في ذهن المستمع برغم مرور سنوات عليها؟
نجاح الأغنية عندي بعد توفيق ربنا طبعًا مرتبط بالكلمات والألحان التي اختارهما .. فعندما تكون الأغنية مكتملة تصبح ثابتة في أذهان الناس.

بمناسبة النيولوك .. لو قلنا الصوت والكلمات والألحان والنيولوك .. أيهم في رأيك يحقق نجاح المطرب؟ .. وما هو الذي تعتمدين عليه؟
في رأيي الصوت ثم الكلمات والألحان ثم النيولوك .. وأنا أعتمد علي النيولوك وأختار ملابسي علي آخر موضة وتسريحة شعري علي آخر موضة واعمل مكياچي علي آخر موضة بشرط أن ما يناسبني كمطربة شرقية.

هل يوجد مشكلة بينك وبين الحبة السوداء .. أم غيرة فنية؟
لا توجد أي مشكلة .. بالعكس تعطيني تميزًا بين المطربات حتي لو كنت في وسط مليون مطربة أكون من تسريحة شعري مميزة جدًا.

ما هي الجوائز التي حصلت عليها في الغناء؟
حصلت علي جوائز كثيرة في الدول العربية .. أما في الدول الأوربية أول جائزة حصلت عليها من استوكهولم ثم حصلت علي جائزة في النرويج وحصلت علي لقب أفضل مطربة في المهرجان الثقافي التابع لدولة النرويج .. قابلت هناك مطربين عالميين .. أما بعد ذلك سوف أسافر لحضور مهرجانات في فرنسا وألمانيا وإيطاليا.

هل الأداء الحركي هو الذي جعلك تحصلين علي هذه الجوائز؟
نعم الأداء الحركي هو بصمة الأغنية وأكون متميزة بهذا الأداء الحركي.

من المطربة التي تحرصين علي سماع أغانيها؟
أم كلثوم.

هل يوجد أغنية لمطربة تشعري بأنها تغنيها لك وحدك؟
نعم هي أغنية «جرح تاني» لشيرين عبدالوهاب أشعر بأنها تغنيها لي.

هل يوجد أغنية لمطربة كان نفسك تكون لكِ؟
لا توجد .. لأنني لي استايليلخاص في الغناء.

قدمت أغاني بلهجة مصرية وبلهجة سودانية فما اللهجة التي تحلمين تقديمها؟
اللهجة الخليجية وأتمني أن أغني أغنية تجمع بين كلمات عربية وانجليزية وفرنسية.

ماذا عن التمثيل والسينما؟
كنت قبل ذلك لا أفكر في السينما نهائيًا .. ولكني بدأت مؤخرًا في التفكير في السينما بعد أن أثبت مكانتي في الغناء وسأقوم قريبًا بالتمثيل في فيلم سينمائي.

لكل فنان في الغناء له أفكار كثير يود تحقيقها فما هي أكثر فكرة مجنونة نفسك تحقيقها؟
أغني لكل لغات العالم وصوتي يصل كل العالم.

ما هو أكثر مكان تحبين زيارته في مصر؟
أسعد أوقاتي أقضيها في الحسين والسيدة نفيسة والسيدة زينب.

لو قلنا قلبك أبيض تقول هذا لمن وليه؟
أقولها للناس الغاضبين مني علي الرغم من أني لا أعلم سبب غضبهم مني.

ما سر غيابك الفترة الماضية عن ساحة الغناء؟
لأني أحب تحضير ألبومي بتركيز شديد.

هل لك رؤية في تحضير أغاني ألبومك أم تأخذين الأغاني جاهزة؟
بالطبع لي رؤية في تحضير أغاني ألبومي فهذا سبب تأخري في تحضير ألبومي الجديد وسينزل الأسواق في عيد الأضحي القادم مع الملحن حلمي بكر.

40 ثانية بمليون جنيه !!

اللهم لا حسد
شعبان عبدالرحيم يغني للأسمنت 40 ثانية بمليون جنيه .. وهييييييه!!
هند محمد علي
لا هو قر ولا حسد .. ومن الآخر ربنا يعطيه كمان وكمان .. لكن نعمل إيه .. القصة حكمت .. وهيييييه!!
فعلي طريقة التراب الذي يمكن ان يتحول في أيادي البعض إلي ذهب تحول الأسمنت وغباره ومصائبه إلي مغارة علي بابا جديدة بالنسبة للمطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم .. حيث وقع الاختيار عليه لتصوير إعلان في إطار الحملة الموجهة لعمال مصانع الأسمنت مقابل عقد قميته مليون جنيه .. ويهدف الإعلان إلي الوقاية من الأمراض السرطانية الناتجة عن غبار الأسمنت.

وقد وقع الاختيار علي شعبان عبدالرحيم بعد دراسة طويلة استهدفت معرفة رغبات وأذواق العمال والشخصيات الأكثر تأثيرًا بهم، وقام شعبان عبدالرحيم بغناء كليب مدته دقيقة وأغنية إذاعية مدتها 40 ثانية، يتم إذاعتهما علي العمال في فترات الراحة والغذاء.

وبالفعل تم تطبيق هذه الحملة علي عدد من المصانع «8 مصانع» ولاقت نجاحًا كبيرًا ونتائج أكثر من المتوقعة من قبل القائمين علي الحملة فبدأ العمال بالاستجابة للحملة ومتابعتها أثناء فترات الراحة.

الصقر .. عمر سليمان

عمر سليمان
نادر الظهور.. نادر الحديث.. كثير الفعل.. ملامح وجهه شديدة التركيب.. واضح و غامض في آن واحد.. رجل وطني قبل كل شيء.. يهوى الابتعاد عن الأضواء.. لكن عدسات الكثيرين تهوى الاقتراب من وجهه في محاولة عميقة لقراءة ما بين تضاريس هذا الوجه.. و لكنها دائماً محاولة تنتهي بالفشل
عمر سليمان.. الصقر
حتى عام 2003 لم يكن رئيس المخابرات العامة المصرية عمر سليمان معروفاً سوى في أوساط المخابرات المختلفة ولعدد من كبار المسئولين في المنطقة، فالرجل الذي يدير أقوى وأهم جهاز استخبارات في العالم العربي منذ سنوات حافظ و لسنوات طويلة على الصورة المعروفة لرجل المخابرات. تلك الصورة التي تتسم في كثير من ملامح تركيبتها بالغموض والابتعاد عن الأضواء.
و مع مرور الوقت و تحديداً مع تصاعد الصراع العربي الفلسطيني بدأ ظهور سليمان و الذي نجح بخبرته الكبيرة و حنكته التي اكتسبها على مدى تاريخه العملي في التوصّل و لو إلى الحد الأدنى من التفاهم بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني بوصفه مسئولاً عن ملف إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ولا نبالغ إذا قلنا أن هناك ما يشبه الاتفاق الضمني غير المعلن بين أبناء التيارات السياسية في مصر- مع اختلاف توجهاتهم-
على أن سليمان رجل وطني قبل كل شيء، فالرجل أسس قناعته منذ بداياته الأولى على أن مصر ينبغي أن تلعب الدور الأساسي في الشرق الأوسط.
و هي القناعات التي اتضحت بصورة كبيرة فو مواقف مصر من الصراع العربي الإسرائيلي و تبني مصر لسياسة تقوم في الأساس على تنبي الحقوق العربية و الدفاع عن الأمن القومي العربي و المصري بوصفهما خطوطاً حمراء لا يجب المساس بأي منها تحت أي مسمى أو اتفاقية أو مبادرة. و هو ما تكشفه قضايا التجسس المتتابعة التي كشفتها المخابرات المصرية دون التوقف كثيراً عن أن هناك سلاماً أو تطبيعاً مع الكيان الصهيوني.
فاتفاقيات السلام شيء و أن تقوم المخابرات المصرية بواجبها شيء آخر,
شيء لا يعرف التفريط في أمن مصر, شيء لا يعرف سوى لغة المواجهة كلما استدعت الضرورة ذلك. شيء يدرك جيداً أن هناك خيطاً رفيعاً يبقى دائماً أشبه بحارس البوابة القادر على التحرك و المواجهة و المنع و المنح و الصد و السماح تبعاً لما تقتضيه الأمور.
و كلها سمات جعلت كثيرين يطلقون على سليمان لقب الصقر, و تشير أوراق سيرة عمر سليمان- حسب ما نشرته جريدة هيرالد تريبيون- إلى انه من مواليد عام 1935, و كان ميلاده في محافظة قنا, و في عام 1954 رحل سليمان إلى القاهرة, ولم يكن عمره قد تجاوز 19 عاماً ليلتحق بالكلية الحربية، وبعد تخرجه أوفده جمال عبد الناصر للحصول على تدريب مُتقدم في أكاديمية فرونز العسكرية بموسكو.
كما حصل على درجتي البكالوريوس و الماجستير في العلوم العسكرية. و في منتصف الثمانينات أثبت تفوقه كخبير استراتيجي عسكري وحصل على درجتي البكالوريوس والماجستير في العلوم السياسية من جامعتي عين شمس والقاهرة ، إضافة على توليه زمالة كلية الحرب العليا.
و قد تولى سليمان إدارة المخابرات الحربية قبل أن يتولى رئاسة جهاز المخابرات العامة الذي يتبع رئاسة الجمهورية مباشرة عام 93. و قد لمع نجم سليمان عام 1995 بعد أن أشار على الرئيس مبارك أن يصحب معه سيارته الليموزين المصفحة ضد الرصاص والقنابل وهو في طريقه لزيارة العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لحضور مؤتمر القمة الإفريقي. و قد حصل سليمان على العديد من الأوسمة و الأنواط و منها وسام الجمهورية من الطبقة الثانية و نوط الواجب من الدرجة الثانية و نوط الواجب من الطبقة الأولى و نوط الخدمة الممتازة.
هاني زايد


ويعيش شابا منذ الف عام!!

ولد في جهينة .. وتربي في الجمالية .. وانتهي به المطاف في شارع الصحافة
ويعيش شابًا منذ ألف عام
جمال الغيطاني
الأدباتي
هاني زايد
ساعات كثيرة أشعر بأن الله سبحانه وتعالي منحه فوق عينيه عينين، وفوق عقله عقلين، وفوق قلبه المحب لمصر قلبين إضافيين،
وكلما شاهدت تضاريس وجهه، أحسست أن خريطة مصر مرسومة فوق تلك التضاريس .. بشرته السمراء جزء من طينها،
سهام عينيه الشاردتين الناظرتين بعيدًا كأنها فلاش كاميرا تدور في كل شبر فيها لترصد حواريها وأزقتها وشوارعها وتاريخ طويل ممتد بطول نهر النيل وعرض السيدة والحسين والإمام الشافعي .. وكأن أمنيته المستحيلة بأن يمنح فرصة جديدة للعيش قد تحققت فزادته فطرة فوق فطرته وعلمًا فوق علمه،
خطواته الهادئة وهدوئه الفطري وقلقه
الدائم بحثًا عن المعرفة وكأنه «جريد نخل لا يعرف النوم» جعلت منه قديسا يهوي السباحة في تجليات الكون، والانصات لتراتيله، والاستغراق في ماضيه وحاضره ومستقبله وإدمان تهجي مفردات الأبجدية كطفل صغير مازال يحيا لحظة ميلاده الأول في التاسع من مايو من عام 1945 في قرية جهينة بمحافظة جرجا «سوهاج حاليًا» ..
وما بين ملامح جهينة وتراث القاهرة،
كان قدر الغيطاني أن ينشأ في القاهرة القديمة، وتحديدًا منطقة الجمالية حيث عاشت أسرته، ليبدأ الغيطاني رحلة جديدة امتدت لثلاثين عامًا، تعليمه الابتدائي كان في مدرستي عبدالرحمن كتخدا الابتدائية والجمالية الابتدائية،
أما تعليمه الاعدادي فكان بمدرسة محمد علي الاعدادية، وفي عام 1959 التحق الغيطاني بمدرسة العباسية الثانوية الفنية ليدرس فن تصميم السجاد الشرقي وصباغة الألوان،
وفي عام 1962 تخرج الغيطاني ليبدأ رحلة العمل في المؤسسة العامة للتعاون الإنتاجي رسامًا للسجاد الشرقي ومفتشًا علي مصانع السجاد الصغيرة في قري مصر،
وهو العمل الذي أتاح له زيارة معظم أنحاء مصر قبلي وبحري، وفي عام 1966 اعتقل الغيطاني بتهمة الانتماء إلي تنظيم ماركسي، وخرج من المعتقل في مارس 1967 حيث عمل مديرًا للجمعية التعاونية لخان الخليلي، وهي مهنة منحته فرصة ذهبية لمعايشة العمال والحرافيين الذين يعملون في الفنون التطبيقية الدقيقة.
بعد صدور كتابه الأول عرض عليه المفكر الكبير محمود أمين العالم ـ والذي كان يعمل رئيسًا لمؤسسة أخبار اليوم ـ ان يعمل معه فانتقل للعمل بالصحافة، وبروحه المغامرة الجريئة التي اكتسبها من روح قبيلته جهينة، اختار الغيطاني السير في الطريق الصعب دون التوقف عند لهيب النيران أو آلام الأشواك، حيث بدأ يتردد علي جبهة القتال بين مصر والعدو الصهيوني أثناء الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، وكتب عدة تحقيقات صحفية تقرر بعدها تفرغه للعمل كمحرر عسكري لجريدة الأخبار حتي عام 1976، وهو ما أتاح له الاقتراب كثيرًآ من مشاهد وروعة وأصالة معدن الجندي المصري سواء أثناء حرب الاستنزاف والتي امتدت لعامي 1969 ـ 1970 علي الجبهة المصرية، أم حرب أكتوبر 1973 علي الجبهتين المصرية والسورية .. وفي عام 1985 أصبح الغيطاني محررًا أدبيًا لجريدة الأخبار وكاتبًا بها ثم رئيس لتحرير «كتاب اليوم»، ثم رئيسًا لتحرير أخبار الأدب مع صدورها عام 1993، وقد صدر أول كتاب له عام 1969 تحت عنوان «أوراق شاب عاش منذ ألف عام» والذي صدر متضمنًا لخمس قصص قصيرة كتبت كلها بعد هزيمة الجيش المصري في سيناء عام 1967.

تيم الحسن ... الملك

مثَّل دور فاروق .. ويعشق النساء مثله .. وسينطلق في السينما
ويسعي لاستعادة تاريخ صباح وفريد الأطرش وفايزة أحمد مع الفن المصري
زوجته اسمها «ديما» وابنه الوحيد اسمه «ورد» والثاني جاي في السكة
تيم الحسن .. الملك

في أوج استعار معركة لا نري لها مبررًا تتصاعد وتناقش حق الممثل غير المصري في تجسيد شخصيات مصرية تحديدًا أبطال السينما السورية الذين أثبت العديد منهم ـ مثل جمال سليمان ـ قدراتهم الفنية علي تجسيد أصعب الشخصيات علي الشاشة.

هذه الحرب الضروس تناست ان السينما المصرية علي مدار تاريخها لم تعرف هذه الفتنة الفنية فأبطال مثل صباح وفريد الأطرش وفايزة أحمد وغيرهم لم يسألهم الجمهور عن بطاقاتهم الشخصة ولكنهم ملكوا قلوب المصريين الذين يعتبر قبولهم لأي فنان هو جواز العبور للنجومية.

وفي خضم هذه المعركة خرج علينا نجم جديد أثبت بجدارة أنه فنان عابر للجنسيات .. استطاع بموهبته أن ينجو من طلقات الرصاص الموجهة للمسلسل كتابة وإخراجًا .. ليكتسب تعاطف وحب الجمهور المصري ليعبر به إلي نجومية جعلته لا ينسي دوره في مسلسل «الملك فاروق» الذي كتبت السيناريو له الدكتورة لميس جابر صاحبة الموهبة .. كانت مغامرة كبيرة قام بها النجم «تيم الحسن» بقبوله تجسيد شخصية بحجم الملك فاروق وما عليه من خلافات داخل الأوساط السياسية والأدبية وحتي الفنية هذا أولاً وثانيًا أن من سيجسد هذه الشخصة هو سوري الجنسية وليس مصري.
كان تيم يشعر بالرهبة والخوف من تجسيد هذا الدور إلا أن الشعب المصري ـ كعادته ـ عندما يتذوق ويحب لا يعرف جنسية البطل أو النجم .. فمنحه جواز العبور إلي أي دور آخر يمكن أن ينطلق من خلال صك اعتماد الجمهور المصري.
يري تيم ان الحياة بدون امرأة غير متصورة وأنهن ملح الأرض والسكر الزيادة للحياة ويربط بين عشق الملك فاروق للنساء وعدم تخيله للحياة بدون نساء.

تيم زوج للفنانة السورية «ديما بياع» وأب لابن وحيد اسمه ورد .. وتنتظر زوجته حادثًا سعيدًا .. وهو يخطط للمشاركة في أدوار سينمائية .. بالتوفيق يا ملك.

نفسي اشوف أبو تريكة!!

عبدالرحمن من خط «نص» أحمد عصمت:
نفسي أشوف أبو تريكة
هند محمد علي
عبدالرحمن أشرف رجب ـ 11 سنة ـ طالب بالصف الأول الاعدادي وهو موهب كرة قدم ويلعب في مركز خط الوسط ويتدرب بمدرسة الكرة بمركز شباب أحمد عصمت تحت اشراف كابتن موسي عباس.

عبدالرحمن يشجع الأهلي ويعشق محمد أبو تريكة ويعتبره مثله الأعلي .. وبرغم انه يجيد اللعب في أكثر من مركز لكنه يعتزم اللعب في نفس مركز أبو تريكة.

عبدالرحمن أعلن عن شكواه من عدم تصعيده وقيده في الاتحادات الرياضية لأن قوانين ولوائح اتحاد الكرة المعروفة في الجهة الإدارية المتمثلة في مدير الشباب والرياضة تقضي بعدم تصعيد مراكز الشباب الرياضية للاتحادات وبالتالي تحرم من المشاركة في البطولات بما يهدد مستقبله بالانهيار مثله مثل كثيرين لديهم الموهبة والمهارة الفائقة التي تحتاج إلي من يكتشفها.

نادي الشمس الضحية!!

برغم رحيل الملاح .. واستمرار مسلسل القضايا أمام المحاكم
حرب التصريحات تشتعل بين المجلسين «القديم والجديد» .. ونادي الشمس الضحية»!!
حمدي عبدالفتاح
مازال الصراع مستمرًا فيما بين المجلس الحالي الذي يتولي قيادة نادي الشمس الرياضي، والمجلس القديم برئاسة المهندس عبدالمنعم الملاح .. وقد اتضح ذلك الأمر من التصريحات المتضاربة التي أدلي بها الطرفان خلال الفترة السابقة علي معظم وسائل الإعلام بمختلف أنواعها.

وقد حاولت «العاصمة» الدخول في ذلك المعترك في محاولة لايجاد حالة من التوازن في عرض آراء الطرفين بكل حيادية، والتي سيتم تناولها بشكل متسلسل وعلي حلقات أسبوعية .. حيث أكد اللواء عصام صيام مدير عام النادي الحالي انه بدأ العمل مع مجلس الإدارة الجديد برئاسة اللواء عبداللطيف مبروك ووجد كل شيء في حالة من الإهمال الشديد، والتي لا تتناسب مع مكانة ومستوي النادي، فعلي مستوي الزراعة والملاعب كانوا في حالة مزرية لدرجة أن الجهاز الفني لكرة القدم رفض اللعب أوالتدريب علي أرض الملعب، ولا أدل علي ذلك من أن المهندسة الاستشارية المسئولة عن الزراعة كانت تتبع الخدمات المعاونة.

واضاف ان حمام السباحة، وجدوا به كميات كبيرة من الطفيليات والتي تم معالجتها بمضادات للفطريات والتزحلق، وتم شراء (3) طلمبات جديدة للفلترة، إضافة إلي أنه بدون تسخين منذ 3 سنوات، وتم معالجة هذا الأمر أيضًا، وتم تغيير حوالي 74 متر من السيراميك بالحمام وأنهم أصلحوا جهاز صمام الكلور وجار افتتاح حمام السياحة في الأيام القليلة القادة.

وأشار صيام إلي انه وجد ثلاثة أتوبيسات مهملين منذ أكثر من 6 سنوات، وجرار ويسارتين، تم نقلهم في حالة سيئة في الوقت الذي يدفع فيه بدل انتقال لنقل الاكسجين وأتوبيس الحضانة بتكلفة شهرية من (7) إلي (8) آلاف جنيه.
هذا إلي جانب ان جميع مخازن النادي كانت خاوية تمامًا حتي أبسط الأشياء لم تكن متوفرة، وانه علي سبيل المثال لا توجد أدوات كتابية أو أدوات أو مواد للصيانة.

وأشار إلي أن المجلس لم يجد «ألف باء» إدارة، وذلك بعد أن وجدوا جميع المستندات غير موثقة من الجهة الإدارية، وتذاكر الدخول غير مسلسلة واستمارات العضوية غير مختومة، ولا توجد دفاتر للحضور والانصراف، وانه لا توجد ضوابط واضحة تحكم تحديد مرتبات العاملين، وانه وجد عاملا بدون مؤهل يعمل علي (2000) جنيه شهريا بينما وجد حاصلاً علي ماجستير أو دكتوراة لا يتقاضي أكثر من 600 جنيه شهريًا فقط.

واستطرد عصام صيام قائلاً إن الحالة الآن أصبحت مستقرة بعد أن حُل المجلس السابق، وان كل الأمور تتم بشفافية كاملة، ولا يبت في أي قرار بشكل فردي وإنما في إطار عمل مؤسسي انعكس علي حالة البنية الأساسية للنادي والتي رصدوا لها «مليون جنيه».

وفي رد سريع من اللواء نبيل ثروت عضو مجلس الإدارة السابق، وأحد الركائز ِالأساسية التي كان يعتمد عليها المهندس الملاح، أكد اللواء ان المجلس الحالي لا يعلم أي شئ عن فنون الإدارة، وأنهم قد حولوا النادي إلي «خرابة»، وان ذلك الأمر قد أدي لاستياء العديد والآلاف من الأعضاء، الذين أصبحوا يطالبون بعودة الملاح ومجلسه السابق، بعد أن علموا بقيمته وما فعله من أجلهم علي مدار سنوات طويلة.

وأشار إلي ان حال النادي قد تدهور بعد أن تسلم المجلس الحالي قيادة دفة النادي، وان ذلك الآن قد ظهر بعد أن رحل أبطال العالم في الاسكواش عن النادي، وبعد أن فقدت لعبة التايكوندو الدرع الذي اعتادوا علي حصده في كل عام، بالإضافة لفريق الكرة الذي أوشك علي الهبوط لدوري الدرجة الثالثة بعد أن وصل إلي حالة مزرية نظرًا للنتائج السيئة التي لحقت به مؤخرًا ومنذ فترة طويلة .. وأيضًا لعبة الكاراتيه التي انتهت تقريبًا من النادي.

وصرح نبيل ثروت إن المجلس الذي تولي المسئولية حاليًا ليست لديه أية فكرة عن الرياضة، وانه قد تم تغيير دفة النادي بما يعادل (180) درجة وان ذلك الآن قد اتضح بعد أن قاموا بتصفية حساباتهم مع رجال المجلس القديم، وقاموا بفصل (300) عامل بحجة أنهم من «رجال الملاح» وانه علي الرغم من احتجاجهم وحصولهم علي قرار من مديرية الشباب والرياضة بالعودة لعملهم مرة أخري، إلا أن المجلس الحالي رفض عودتهم وقال: «إنه لن يأخذ أوامره من المديرية» .. وان ذلك الأمر يعتبر مهزلة حقيقية.

مكرم محمد أحمد : المحارب

غضوب لكرامة المهنة .. لم يتربح من قلمه
.. وعد بالقضاء علي السحابة السوداء في الصحافة ..
وتبرأ من تهمة التطبيع
مكرم محمد أحمد: المحارب

في عام 1996 دخلت نقابة الصحفيين معركة مصيرية ضد ترزية القوانين وحملة المباخر وخفافيش الظلام واستطاعت الجمعية العمومية أن تقف وقفة صلبة انكسرت بسببها سيوف الانكشارية .. وممالك العصر.

وقفت النقابة تحت راية العمل المهني صفًا واحدًا خلف النقيب كسابقه الأستاذ إبراهيم نافع واستطاعت أن ترسل رسالة قوية إلي الجميع مفادها: إن الجمعية العمومية برغم انقسامها إلي تيارات سياسية متنوعة إلا أنها تستطيع أن تتناسي الخلافات الأيديولوجية عند الأزمات وتقف تحت راية المهنة.

واستطاعت الجمعية العمومية أيضًا أن تفرض إرادتها علي الجميع عندما اختارت لأول مرة نقيبًا لا ينتمي إلي مؤسسة قومية هو الأستاذ جلال عارف اختارت نقيبًا مستقلاً لا يستند إلي الحشد الانتخابي المبني علي العصبية المؤسساتية وانتهي بانتخابه مصطلح ـ الأهراميون والأخباريون ـ ليؤسس لقاعدة انتخابية جديدة قديمة استردت فيها النقابة وعيها.
وبرغم ما يأخذه البعض علي الزميل جلال عارف من أن النقابة شهدت خلافات شديدة بين أعضاء المجلس أدت إلي تأثير الخدمات التي تقدمها النقابة ووصلت الأمور إلي اختزال العمل النقابي والمعارك السياسية في سلم النقابة .. وهل
من حق الحركات السياسية أن تتخذ منه ملاذًا ومتنفسًا أم لا؟

وتنتهي دورة النقيب والمجلس لتشهد الساحة الصحفية معركة انتخابية من أشرس المعارك التي أسفرت عن انتخاب مجلس لو أرادت الدولة ان تشكله وحشدت له كافة امكاناتها لما نجحت في هذا التشكيل الذي يرضي جميع الاطراف دون تدخل الأجهزة الحكومية أو الأمنية .. ولكن تم بإرادة الجمعية العمومية .. وتم انتخاب نقيب هو بحق رجل المرحلة إنه مكرم محمد أحمد رجل ليس له حسابات ولا توزانات يمكن ان تؤثر علي قراره .. رجل لا يخشي في الحق لومة لائم .. دفع ثمن دفاعه عن حرية الآخرين بمحاولة اغتياله ثلاث مرات ودفع ثمن صلابته للدفاع عن حرية الصحافة في محاولة اغتياله معنويًا وأدبيًا من جانب البعض.

السيرة النقابية للأستاذ مكرم تجعله أصلح من يتسلم الراية في توقيت صعب للغاية فهو الوحيد المؤهل للتفاوض مع الدولة .. والجميع يضمنون أنه لن يتنازل عن جزء من حقوق الجماعة الصحفية وفي نفس الوقت فهو يستطيع فتح قنوات تفاوض شريفة مع معارضيه من أصحاب الرأي الآخر داخل النقابة.
الأستاذ مكرم تنتظره ملفات صعبة تتطلب تكاتف الجميع داخل المجلس الجديد وخارجه من أجل انقاذ النقابة مما أسماه النقيب «السحابة السوداء في الصحافة المصرية».

مكرم محمد أحمد .. محارب من طراز رفيع المستوي .. بدأ رحلته المهنية من قلب العاصمة محررًا للحوادث في قسم الساحل وشبرا في رحلة صعبة كان انحيازه دائمًا للمهنة وغضبه الدائم ضد التجاوزات التي تدفع حرية الصحافة ثمنها المهمة صعبة .. والصحافة تتعرض لمعارك استنزاف شديدة تتطلب إنشاء جبهة صمود وتصد داخل الجماعة الصحفية نقف فيها خلف المحارب مكرم والمجلس الجديد.

الجحيم اسمه عبود!!

حصريًا وكل يوم خميس
الحجيم اسمه عبود!!

مدير تشغيل الموقف: أريد حلاً
كتبت ـ شيماء الزين:

فتاة جاءت للفسحة مع حبيبها فتأخرت عن الرجوع سبع ساعات .. مقلب .. مش كده؟!
مسئول مكتب شرق الدلتا: روحوا اشتكوا في ميت غمر!!

لف الموقف عرض وطول .. روح اتغذي وارجع .. ممكن تتعشي لو حبيت!! .. ستجد الوجوه نفس الوجوه مع اختلاف بسيط وهو أنك ستضطر لضرب العدد القديم في خمسة أو عشرة .. مش مهم .. العدد في الليمون! .. تلك ببساطة تفاصيل فيلم حصري يعرض يوم الخميس من كل أسبوع علي شاشة عرض طبيعية أول حرف من اسمه «الجحيم عبود».

فيلم دور البطولة فيه ليس محجوزًا لنجوم الشباك ..عادل إمام .. يسرا .. إلهام شاهين .. أحمد السقا .. أحمد حلمي «الموقف طبعًا» .. هؤلاء جميعًا يختفون لتظهر علي شاشة العرض وجوه عزة وريهام وأم أحمد وغيرهم .. ممن جاءوا إلي مصر المحروسة بحثًا عن فرصة عمل أو علاج أو استكمال دراسة فكتب عليهم طوعًا وكرهًا معايشة جحيم عبود!! .. هؤلاء أيضًا ليسوا وحدهم نجوم الشباك ..
ففي الكادر أيضًا سائقو سيارات الأجرة المتعاملين مع يوم الخميس من كل أسبوع علي أنه مولد وصاحبه حاضر!! .. وهناك أيضًا مكاتب الشركة القابضة للنقل البري والبحري بخطوطها الطوالي الممتلئة بطولها وعرضها ومقاعدها وطرقاتها وشبابيكها وأبوابها في انتظار صفارة الباشا الكمساري .. ودوسة البيه السواق «دبرياج .. فرامل .. بنزين»!!
موقف عبود أحد أهم مواقف سيارات الأجرة في القاهرة الكبري حيث يوجد به سيارات أجرة محافظات الوجه البحري .. مكاتب الشركة القابضة للنقل البري والبحري.

البيه السواق
هذا هو أنسب وصف لما يحدث يوم الخميس من السائقين .. بداية من زيادة الأجرة والتي قد تصل للضعف .. وتحميل السيارة بما يزيد علي عددها وذلك نتيجة كثرة الركاب وقلة السيارات .. وعندما توجهنا بالسؤال لعدد من سائقي الأجرة عن سبب قلة السيارات كان الرد إن السيارة التي تترك الموقف متجهة إلي اقليم لا تعود مرة أخري في 90% من الحالات لأنه لا يوجد ركاب متجهون من الاقاليم للقاهرة في ذلك الوقت.
اللواء محمد سليمان مدير عام مواقف سيارات الأجرة أكد أن الموقف أنه يحاول حل تلك المشكلة باستدعاء سيارات أجرة قليوبية وشركات ورحلات وغيرها.

عفوًا .. النهاردة الخميس
أما عن الركاب .. فحدث ولا حرج .. كانت مع «عزة» طالبة ماجستير بكلية الإعلام .. عزة من السنبلاوين وتقطن القاهرة منذ ما يقرب من ستة سنوات لدراستها .. وفي العادة لا تسافر يوم الخميس ولكن ظروفها اضطرتها لذلك وعندما قابلناها الساعة السادسة والنصف كانت قد مرت ثلاث ساعات علي انتظارها في الموقف.
علي بعد خطوات من عزة كانت تقف الحاجة «أم أحمد» ومعها فتاتان، في البداية اعتقدت أنهما ابنتيها ولكن بالحديث معهم اكتشفت ان تلك الألفة قد خلقتها ساعات الانتظار .. منذ الخامسة إلا الربع وحتي السابعة والربع .. وقالوا إنه منذ قليل قد أتي سائق بيچو وحمل في سياراته سيدات فقط إشفاقًا عليهن من ظلام الليل .. وقالوا لي إن هناك رجلا يتصل بسائق معرفة لكي يأتي ويأخذهم لميت غمر وعرضوا عليّ السفر معهم .. حيث قدمت لهم نفسي بصفتي مسافرة مثلهم .. فشكرتهم وقلت إن أبي يرفض سفري في الليل وانني سأبقي للمبيت بالقاهرة.

أما في موقف الزقازيق فقد قابلت ريهام .. والتي كانت تندب حظها .. فهي من الزقازيق وتدرس بأحد المعاهد هناك دون علم والدها ومرتبطة عاطفيًا بشاب أيضًا دون علم والدها .. وأتت معه لقضاء يوم الخميس في القاهرة بعيدًا عمن قد يراهم في الزقازيق .. وعندما قلت لها أنهما قد اختارا اليوم الخطأ قالت: «لم أكن أدري اننا سنظل في الموقف منذ الثانية حتي السابعة».

أسرة تبحث عن سيارة تقلهم إلي دكرنس
.. طالبتان جامعيتان من أبو كبير لا يجدون ما يأخذهم لبلدهم .. محاسب من ميت غمر حضر للقاهرة لإنهاء الأوراق الخاصة بتأشيرته .. وكثير غيرهم من محافظتي الدقهلية والشرقية اتفقوا جميعًا في أنهم في عبود منذ الثالثة أو الرابعة وحتي السابعة مساءً.

أين الشركة القابضة؟
الشركة القابضة للنقل البري والبحري لها مكاتب في عبود .. اتجهنا لتلك المكاتب لسؤالهم عن سبب قلة الأتوبيسات وخاصة بعد الثالثة عصرًا.

كانت البداية مع مجدي محمد مدير مركز تشغيل عبود لشركة أتوبيس وسط وغرب الدلتا .. والذي أكد ان هناك أتوبيسات لكل الجهات التي تغطيها الشركة «زفتي .. السنطة .. طنطا .. المحلة .. كفر الشيخ .. إسكندرية .. دمنهور» وأراني بعض الكشوف الخاصة بأيام الخميس السابقة.
والتي تؤكد ان هناك أتوبيسات لتلك الجهات حتي الساعة الحادية عشر والربع .. ولكن عندما أشرت إلي ميعاد أتوبيسين متتاليين الأول الساعة السادسة والثاني الساعة الثامنة قال: إن ازدحام الطريق لابد أن يسبب بعض التأخير .. كلام مدير المركز لم يتوقف عند الدفاع .. حيث اشتكي أيضًا من أن موقف عبود يحتاج لبعض التنظيم حيث إن خروج الأوتوبيس قد يحتاج ما يزيد على الربع ساعة، كما أن مساحة الموقف لا تستوعب كل الأتوبيسات المرخصة.
عفوًا .. لابد من تصريح
«عفوًا .. لابد من تصريح» كان هذا رد المسئول عن مكتب شركة شرق الدلتا للنقل والسياحة .. ورفض الإدلاء بأي تصريح أو إعطاء أية معلومات .. وعندما قلت له إنني اشتكي بصفتي مسافرة علي خط ميت غمر والذي تغطيه الشركة .. قال «روحي اشتكي في مقر الشركة في ميت غمر».

علي العكس تمامًا كان العقيد أحمد أحمد كرم الله مدير عام مراكز التشغيل وعضو مجلس إدارة شركة الوجه القبلي للنقل والسياحة والعقيد أحمد استقبلني في مكتبه ماي قرب من الساعة وأخبرني عن الشركة الكثير .. وقال إن الأتوبيسات يبدأ عملها منذ السادسة صباحًا وحتي الواحدة والنصف صباحًا .. ولأول مرة أشعر أن السفر إلي الصعيد قد يكون سهل لهذه الدرجة .. وأكد العقيد أحمد كرم الله ان أتوبيسات الشركة تخدم يوميًا ما يقرب من خمسة آلاف راكب عن طريق 120 أتوبيسًا يوميًا قد يزيد علي 145 في الأعياد تغطي الوجه القبلي بأكمله: «الفيوم ـ حلوان ـ البحر الأحمر ـ بني سويف ـ المنيا .. قنا ـ أسوان».

حملت كل تلك الشكاوي للسيد اللواء محمد سليمان مدير عام إدارة مواقف سيارات الأجرة، الذي أكد ان هناك مشروعًا للتوسع الرأسي في موقف عبود والمقرر بدايته مع بداية عام 2008 ولمدة ثلاثين شهر.
أكد ان ذلك المشروع الذي سيتم علي أربعة مراحل سوف يحل الكثير من مشاكل موقف عبود بداية من زيادة القدرة الاستيعابية للموقف والذي مساحته 35 ألف متر، وأيضًا مشكلة مدخل الموقف الذي اشتكي منه الكثير من السائقين، وإيجاد أماكن للسيارات التي تحمل ترخيص ولا تجد مكان.

أما السيدة سامية حسن ـ مندوبة المحافظة ومديرة الشئون القانونية بالموقف فأكدت وجود نقطة شرطة تابعة لقسم الساحل، ونقطة مرور ومباحث أمن الدولة ومباحث النقل .. السيدة سامية طالبت الركاب بعدم الخضوع للسائقين عندما يطلبوا أجرة زيادة والابلاغ عنهم.

وعندما سألتها وكيف ذلك؟! .. ان كان الناس يودون العودة إلي بيوتهم بأي طريقة .. وقلت لها ان جولتي يوم الخميس قد استغرقت ما يزيد علي الساعة والنصف .. وعندما قطعت الموقف عائدة من آخره لأوله لأعود من حيث أتيت .. وجدت الواقفين كما هم، بل وزادوا بينما الميكروباصات تمتليء .. فمتي يعود هؤلاء لبيوتهم.
قالت إن إدارة الموقف تحاول حل تلك المشكلة باستدعاء سيارات من خارج الموقف .. ولكن لا يمكن أن يظل الناس يشتكون مع أنهم السبب .. لأنهم يتهاونون مع السائقين .. ولكن يظل السؤال قائمًا .. متى يذهب هؤلاء لبيوتهم؟!!