Wednesday, December 26, 2007

البريمو ... يكسب

لســــــــه..
عم محمد بينادي .. وفي ميدان رمسيس
البريمو .. يكسب
عرفتها مصر علي يد الخواجة كرياكو .. وأسعارها تبدأ بـ25 قرشًا وتنتهي بجنيه!!
عبير حامد ـ محمد سامي
تعلقت في أذهاننا من خلال الأفلام الأبيض والأسود القديمة، عرفنا ان البعض يعلق آماله عليها ويرسم مستقبله علي أساسها وينفق ما لديه من أموال من أجلها أملاً في الوصول إلي الثراء السريع أو الحصول علي ورقة البريمو .. وتخيلنا أن عصرها قد ولي وانتهي ولكن المفاجأة ان ورقة اليانصيب موجودة حتي الآن ولها سوق في مصر بل وفي العالم كله .. ولكن ما حدث ان الأضواء قلت من عليها وتناساها الإعلام حتي خيل لنا أنها انتهت.

تعتبر صناعة اليانصيب سادس أكبر صناعة نامية علي صعيد العالم حيث تؤكد الأرقام والاحصائيات الواردة من جمعية اليانصيب العالمية ان هناك حوالي 150 دولة لديها مشاريع يانصيب تتراوح في حجمها بين دولة وأخري وان معدل نمو هذا القطاع يبلغ 18% ليحتل بذلك المركز السادس بين القطاعات الاقتصادية الأكثر نموًا.

عرفت مصر ورق اليانصيب في بداية الثلاثينيات علي أيدي الأجانب وأشهرهم الخواجة «كرياكو مانرد ميخالوس» صاحب مكتب اللاتحاد المصري لليانصيب في الستينيات والذي اشتهر بلقب ملك اليانصيب وكان لهذه التجارة عدد من المكاتب في مختلف المحافظات إلا أنه تم إلغاؤها بعد اشراف وزارة الشئون الاجتماعية عليها وأسند لبنك القاهرة فرع الإسعاف مسئولية الاشراف علي سحب ورق اليانصيب.

وقد اهتمت وزارة الشئون الاجتماعية ببائعي اليانصيب في مصر فأنشأت لهم رابطة عام 1967 كجمعية مركزية ذات نفع عام وفقًا لأحكام القانون رقم 32 لسنة 64 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة.

وتقوم هذه الرابطة بمتابعة أحوال البائعين وحل مشكلاتهم وتشجيعهم وحمايتهم أثناء مزاولة عملهم حيث قامت الوزارة بإصدار ترخيص لمزاولة هذه المهنة المنصوص عليها بالمادة الرابعة من القانون رقم 93 لسنة 1973 وذلك لمنع رجال الأمن من التعرض للباعة ومنعهم من تأدية عملهم.

ويوجد في مصر حوالي 40 متعهدًا .. وكل متعهد يعمل معه عدد من الباعة ويتسلم المتعهد حصته من الورق حسب حاجته ووفقًا لعدد البائعين الذين يشرف عليهم ..تحدد الرابطة الحد الأدني والأقصي لكل متعهد وتبدأ الأسعار من 25 قرش للورقة حتي جنيه، وكل ورقة لها بريمو خاص بها والبريمو هي كلمة تطلق علي الورقة الفائزة آخر السحب بأكبر جائزة.

كل ورقة من أوراق اليانصيب مدون بها رقم عن طريقة ما يتم معرفة الورقة الرابحة حيث توضع الأرقام التي ربحت في كشوف الجوائز باللونين الأحمر والأزرق وعلي كل حامل لورقة اليانصيب ان يبحث عن رقم ورقته في هذه الكشوف التي تكون مع الباعة.

الاقبال يتزايد علي الورقتين فئة 25 قرشًا و30 قرشًا والتي يكون السحب عليها يوميا وهناك فئات أخري يكون السحب عليها اسبوعيا وأخري شهريًا.

وقد وجهت الوزارة مسار اليانصيب للخير إذ جعلته مساهمة في دعم المشروعات والمؤسسات الخيرية التي تسعي لخدمة فئات المواطنين المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة والصم والبكم وأطفال الشوارع ومرضي السرطان والأمراض المزمنة.

بائعو اليانصيب ينتشرون في جميع المحافظات وخاصة الأماكن المزدحمة بها .. وفي الاسعاف بوسط البلد وجدنا عم «محمد عبدالمنعم السيد» يجلس علي الرصيف ويفرش أمامه أوراق اليانصيب فئات الـ25 قرشًا والـ50 قرشًا والجنيه .. فاقتربنا منه واشترينا منه بعض الورق ليحكي لنا عن مهنته .. فقال إنه يعمل في هذه المهنة منذ خمسين عامًا ويأتي من الساعة السابعة صباحًا ويجلس في ميدان الاسعاف إلي السابعة مساء يوميا ولديه رخصة لبيع الورق من وزارة التضامن الاجتماعي كما انه ينتمي إلي رابطة بائعي أوراق اليانصيب وترشح عدة مرات لرئاستها ولكنه رفض.

عم محمد يعدد لنا بائعي اليانصيب علي مستوي الجمهورية وهم 290 بائعًا وهذا عدد قليل جدا كما يقول حيث كان يعمل في هذه المهنة قدميا أكثر من أربعين ألف بائع وقد حاول ان يورث المهنة لأولاده ولكنهم كانوا يملون نظرا للصعوبات الموجودة بالمهنة.

ويعرف عم محمد زبائنه جيدا بالاسم لأنه يصف من يقبل علي هذه اللعبة بالمدمن إذا جربها مرة لا يستطيع تركها.
ويبيع يوميا حوالي 300 ورقة ومكسبه منها 15 جنيهًا علي كل مائة ورقة خمسة جنيهات مكسب كما يحصل علي مائة جنيه سنويا من الرابطة وفي الغالب تكون له الحلاوة من الزبن الفائز بالبريمو.

وبالرغم من طول المدة التي عمل فيها بهذه المهنة فهو لم يمارسها طول حياته لأنه يري ان العدد كبير جدا ونسبة الفوز قليلة فيفضل بيع الورق كاملا ويكتفي بمكسبه من البيع، وبالنسبة لزبائنه فيقول إنهم من كل الفئات .. الشباب وكبار السن من النساء والرجال ومن الأغنياء والفقراء وله فئة كبيرة من رجال الأعمال.
وأثناء حديثنا معه وجدنا عم ابراهيم 87 عامًا يستند علي عصاه ويسأل عم محمد عن الورقة التي بها نتائج السباق والأرقام الفائزة ليبحث عن أرقام أوراقه التي اشتراها في اليوم السابق، وقال عم ابراهيم إنه يلعب في ورق اليانصيب منذ خمسين عامًا وهو زبون دائم لعم محمد منذ أيام الملك فاروق.

ويضيف ان هذه التجارة كانت في الماضي لها شعبية اكثر من الآن وزبائنها كثيرون، وكان يشتري ورقة اليانصيب بـ20 مليمًا ووقتها كسب البريو وكان مائتي جنيه وهذا مبلغ كبير وقتها .. ولم يستطع الانصراف عن شراء الورق منذ ان كسب البريمو لأنه أدمنها ولا يستطيع تركها.

أما مصطفي محمد ـ 35 عامًا ـ فهو زبون جديد لهذه الأوراق وكان يدمن قبل ذلك نشاط شبيه ولكن من نوع آخر وهو سباق الخيل وعندما وجد ان هذه المسابقات تخسره الكثير حيث خسر خلال موسم واحد 4 آلاف جنيه فلجأ إلي أوراق اليانصيب بديلا لسباق الخيل لأن ثمنها أرخص ولا تكلفه المبالغ التي كان ينفقها علي سباق الخيل.
ويضيف انه كان يفوز أحيانًا في سباق الخيل ولكن هذه الأموال لا ينفقها علي أولاده لأنها حرام فينفقها علي الترفيه كأن يشتري نوع سجائر أغلي أو موبايل حديث وهكذا.

ويؤكد انه لا يحتاج هذه الأموال ولكنه أدمن هذا النوع من المسابقات ويؤمن جدًا بموضوع الحظ.
رجب السيد يقول إنه يتابع باستمرار ورق اليانصيب ويحرص علي شرائها اسبوعيا بالرغم من ارتفاع مستواه المادي وعدم احتياجه للمال بل يصرف علي هذه الهواية حوالي 50 جنيهًا شهريًا لإشباع رغبته في الدخول للسباق .. ويعتبر انه عمل خيري يقوم به حيث يذهب جزء من ثمن بيع هذه الأوراق إلي الجميعات الخيرية والمستشفيات .. ويقول إنه فاز مرة بالبريمو وكان قدره 3600 جنيه.

العاملون في هذه المهنة يشكون حالها واهمال البنك لها فكان يخدم علي هذه المهنة ثماني أفراد لفرز الأوراق واجراء السحوبات ولف البلية واصدار الأوراق بالأرقام الفائزة والآن لا يوجد في البنك سوي عاملين فقط يرفض البنك تعيين عمال آخرين وبذلك فهناك اهمال أصاب اللعبة كما يطالبون بإعادة زيادة الأرقام الفائزة في السحب مثلما كانت في الماضي وخصوصا بعدما قلت الضريبة المفروضة عليهم.

الدكتور علي المليجي أستاذ علم النفس وعميد كلية التربية النوعية سابقا يعتبر زبون اليانصيب مدمن فهو يتكاسل ولا يجتهد لتحقيق أهدافه ويلجأ إلي الطريق السهل الذي قد يحقق طموحاته من خلاله ويكون لديه رغبة في الثراء السريع .. وغالبا يكون زبون هذه التجارة من الفئة المطحونة التي تعاني مشكلات كثيرة . وتجد في اليانصيب ما يجعلهم ينسون واقعهم ومشاكلهم ويتعلقون بأمل الفوز والحصول علي البريمو ويطلق عليهم اسم أصحاب النفوس الضعيفة الذين لا يصنعون نجاحهم بأنفسهم ولا يكون لديهم رضا عن الواقع.

أما عن رأي الدين فيقول الدكتور محمود عاشور وكيل الأزهر إن ورق اليانصيب يعتبر نوعًا من المقامرة غير مضمونة العواقب والتي لا تصح ولا تجوز في دولة إسلامية وبذلك فهي حرام شرعًا مثلها مثل القمار.

No comments: