Wednesday, December 26, 2007

ويعيش شابا منذ الف عام!!

ولد في جهينة .. وتربي في الجمالية .. وانتهي به المطاف في شارع الصحافة
ويعيش شابًا منذ ألف عام
جمال الغيطاني
الأدباتي
هاني زايد
ساعات كثيرة أشعر بأن الله سبحانه وتعالي منحه فوق عينيه عينين، وفوق عقله عقلين، وفوق قلبه المحب لمصر قلبين إضافيين،
وكلما شاهدت تضاريس وجهه، أحسست أن خريطة مصر مرسومة فوق تلك التضاريس .. بشرته السمراء جزء من طينها،
سهام عينيه الشاردتين الناظرتين بعيدًا كأنها فلاش كاميرا تدور في كل شبر فيها لترصد حواريها وأزقتها وشوارعها وتاريخ طويل ممتد بطول نهر النيل وعرض السيدة والحسين والإمام الشافعي .. وكأن أمنيته المستحيلة بأن يمنح فرصة جديدة للعيش قد تحققت فزادته فطرة فوق فطرته وعلمًا فوق علمه،
خطواته الهادئة وهدوئه الفطري وقلقه
الدائم بحثًا عن المعرفة وكأنه «جريد نخل لا يعرف النوم» جعلت منه قديسا يهوي السباحة في تجليات الكون، والانصات لتراتيله، والاستغراق في ماضيه وحاضره ومستقبله وإدمان تهجي مفردات الأبجدية كطفل صغير مازال يحيا لحظة ميلاده الأول في التاسع من مايو من عام 1945 في قرية جهينة بمحافظة جرجا «سوهاج حاليًا» ..
وما بين ملامح جهينة وتراث القاهرة،
كان قدر الغيطاني أن ينشأ في القاهرة القديمة، وتحديدًا منطقة الجمالية حيث عاشت أسرته، ليبدأ الغيطاني رحلة جديدة امتدت لثلاثين عامًا، تعليمه الابتدائي كان في مدرستي عبدالرحمن كتخدا الابتدائية والجمالية الابتدائية،
أما تعليمه الاعدادي فكان بمدرسة محمد علي الاعدادية، وفي عام 1959 التحق الغيطاني بمدرسة العباسية الثانوية الفنية ليدرس فن تصميم السجاد الشرقي وصباغة الألوان،
وفي عام 1962 تخرج الغيطاني ليبدأ رحلة العمل في المؤسسة العامة للتعاون الإنتاجي رسامًا للسجاد الشرقي ومفتشًا علي مصانع السجاد الصغيرة في قري مصر،
وهو العمل الذي أتاح له زيارة معظم أنحاء مصر قبلي وبحري، وفي عام 1966 اعتقل الغيطاني بتهمة الانتماء إلي تنظيم ماركسي، وخرج من المعتقل في مارس 1967 حيث عمل مديرًا للجمعية التعاونية لخان الخليلي، وهي مهنة منحته فرصة ذهبية لمعايشة العمال والحرافيين الذين يعملون في الفنون التطبيقية الدقيقة.
بعد صدور كتابه الأول عرض عليه المفكر الكبير محمود أمين العالم ـ والذي كان يعمل رئيسًا لمؤسسة أخبار اليوم ـ ان يعمل معه فانتقل للعمل بالصحافة، وبروحه المغامرة الجريئة التي اكتسبها من روح قبيلته جهينة، اختار الغيطاني السير في الطريق الصعب دون التوقف عند لهيب النيران أو آلام الأشواك، حيث بدأ يتردد علي جبهة القتال بين مصر والعدو الصهيوني أثناء الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، وكتب عدة تحقيقات صحفية تقرر بعدها تفرغه للعمل كمحرر عسكري لجريدة الأخبار حتي عام 1976، وهو ما أتاح له الاقتراب كثيرًآ من مشاهد وروعة وأصالة معدن الجندي المصري سواء أثناء حرب الاستنزاف والتي امتدت لعامي 1969 ـ 1970 علي الجبهة المصرية، أم حرب أكتوبر 1973 علي الجبهتين المصرية والسورية .. وفي عام 1985 أصبح الغيطاني محررًا أدبيًا لجريدة الأخبار وكاتبًا بها ثم رئيس لتحرير «كتاب اليوم»، ثم رئيسًا لتحرير أخبار الأدب مع صدورها عام 1993، وقد صدر أول كتاب له عام 1969 تحت عنوان «أوراق شاب عاش منذ ألف عام» والذي صدر متضمنًا لخمس قصص قصيرة كتبت كلها بعد هزيمة الجيش المصري في سيناء عام 1967.

No comments: